في مشهد غير مألوف داخل البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، شهدت جلسة خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الاثنين، حادثة مقاطعة مثيرة نفذها نائبان من اليسار الإسرائيلي، رفعا خلالها لافتة كتب عليها “اعترفوا بفلسطين”، قبل أن يتدخل رجال الأمن لإخراجهما من القاعة وسط تصفيق وهتافات من الحضور.

مقاطعة مفاجئة أثناء خطاب ترامب بـ الكنيست
وقعت الحادثة بينما كان ترامب يلقي خطابه التاريخي أمام الكنيست، الذي أعلن خلاله انتهاء الحرب في غزة وبداية «عصر ذهبي للشرق الأوسط». وفجأة، قاطع النائبان أيمن عودة وعوفر كاسيف الرئيس الأميركي، رافعين لافتة تحمل عبارة “اعترفوا بفلسطين” احتجاجاً على تجاهل الحقوق الفلسطينية في خطاب ترامب.
وأظهرت لقطات مصورة من داخل القاعة رئيس الكنيست يطرق بمطرقته بقوة في محاولة لوقف الفوضى، فيما تحرك رجال الأمن بسرعة لإخراج النائبين من الجلسة.
وذكرت صحيفة جيروزالِم بوست أن النائبين كانا يحملان لافتة “تندد بالإبادة”، لكن النائب أيمن عودة نفى ذلك لاحقاً، مؤكداً في تغريدة على حسابه الرسمي أن العبارة كانت ببساطة: «اعترفوا بفلسطين».
ترامب يعلّق بسخرية: “كان الأمر فعالاً”
وعقب الحادثة، توقف ترامب للحظات ثم علق مبتسماً قائلاً: «كان الأمر فعالاً»، في إشارة إلى سرعة تعامل الأمن الإسرائيلي مع الموقف.
وأثارت عبارته موجة من الضحك داخل القاعة، قبل أن يستأنف خطابه ويشيد بمستشاره ستيف ويتكوف، مثنياً على دوره في مفاوضات وقف الحرب بغزة.
هوية المعترضين
وتبين لاحقاً أن النائبين اللذين قاطعا الكلمة هما أيمن عودة وعوفر كاسيف، المنتميان إلى حزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، أحد أبرز أحزاب اليسار في إسرائيل، والمعروف بمواقفه المؤيدة لحل الدولتين ورفض الاحتلال.
ولم تستمر المقاطعة أكثر من دقيقة واحدة، لكن المشهد حظي بتغطية إعلامية واسعة، وتحول إلى حديث الساعة على وسائل التواصل الاجتماعي في إسرائيل والعالم العربي.
أيمن عودة يبرر موقفه: “طالبت بأبسط مطلب إنساني”
بعد إخراجه من الجلسة، كتب النائب أيمن عودة تغريدة على منصة “إكس” (تويتر سابقاً) قال فيها: «لقد أُبعدوني من الجلسة العامة لمجرد أنني طرحت أبسط مطلب، مطلباً يتفق عليه المجتمع الدولي بأسره: الاعتراف بالدولة الفلسطينية».
وأضاف: «الاعتراف بهذه الحقيقة البسيطة: هناك شعبان هنا، ولن يرحل أي منهما».
ونشر عودة صورة للافتة التي رفعها أثناء الجلسة، مكتوب عليها بخط واضح: “اعترفوا بفلسطين”.
وفي تغريدة سابقة للحادثة بنحو ساعة، أعرب عودة عن امتعاضه من أجواء جلسة الكنيست التي وصفها بأنها “تفيض بالنفاق”، قائلاً: «إن حجم النفاق في الجلسة العامة لا يُطاق. إن تتويج نتنياهو بالإطراء غير المسبوق، لا يُعفيه وحكومته من الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في غزة، ولا من المسؤولية عن دماء مئات الآلاف من الضحايا الفلسطينيين والإسرائيليين».
وأضاف النائب العربي البارز: «رغم حكومة يمينية بالكامل، ورغم الاستخدام الساخر لأحداث السابع من أكتوبر، ورغم حرب الإبادة، فشلت حكومة الجرائم في تغيير المعادلة البسيطة: هناك شعبان هنا، وسيبقيان هنا».
وختم تغريدته قائلاً: «إنهاء الاحتلال والاعتراف بدولة فلسطين إلى جانب إسرائيل هو الطريق الوحيد لتحقيق العدالة والسلام والأمن للجميع».
اقرأ أيضًا:
ترامب من الكنيست: «انتهت الحرب في غزة.. والشرق الأوسط يدخل عصراً ذهبياً»
مشهد رمزي في لحظة حرجة
ويرى مراقبون أن مقاطعة أيمن عودة لخطاب ترامب جاءت في لحظة سياسية حرجة، إذ تتزامن مع إعلان وقف الحرب في غزة وتوجه ترامب إلى قمة شرم الشيخ للسلام في مصر، التي يُنتظر أن تكرّس اتفاق إنهاء الحرب وتدشين مرحلة سياسية جديدة في المنطقة.

ويقول محللون إن هذه الواقعة «سلّطت الضوء على الانقسام الداخلي في إسرائيل» بين تيار يرى في خطة ترامب فرصة للسلام، وآخر يعتبرها «تجاهلاً ممنهجاً للحقوق الفلسطينية».
ردود الفعل داخل إسرائيل
وفي حين تجاهلت الحكومة الإسرائيلية رسمياً الحادثة، أشادت وسائل الإعلام اليمينية بسرعة تعامل الأمن مع المقاطعة، معتبرة أن ما جرى «يثبت انضباط المؤسسة التشريعية واحترامها لحلفائها».
في المقابل، وصفت صحف يسارية ما حدث بأنه «تعبير مشروع عن احتجاج سياسي» في وجه ما وصفوه بـ«التطبيل الأميركي للحكومة الإسرائيلية».