شددت مصر على ضرورة أن تكون إدارة قطاع غزة فلسطينية بالكامل، تحت مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية، في إطار وحدة الأراضي الفلسطينية. وأكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن بلاده “لن تتنازل عن ثوابتها في دعم القضية الفلسطينية”، مشددًا على تمسك القاهرة بالشرعية الدولية وقراراتها ذات الصلة.
جاء ذلك خلال جلسة مباحثات موسعة أجراها مدبولي مع نظيره الفلسطيني محمد مصطفى، الذي يزور مصر في إطار جولة رسمية لبحث وقف العدوان على قطاع غزة وتنسيق الجهود الإغاثية. اللقاء عُقد بمدينة العلمين الجديدة على الساحل الشمالي بحضور وفدي البلدين.
رفض قاطع لمحاولات التهجير
مدبولي جدد التأكيد على رفض مصر “التام والقاطع لأي محاولات تستهدف تهجير الفلسطينيين من أرضهم أو فرض وقائع جديدة على الأرض”، معتبرًا أن هذه المخططات تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية. كما شدد على رفض استمرار سياسات هدم المنازل والتوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة، مؤكدًا أن القاهرة ستواصل دفاعها عن الحقوق الفلسطينية في مختلف المحافل الدولية.
وخلال اللقاء، أكد رئيس الوزراء مدبولي أن بلاده مستمرة في تقديم الدعم الإنساني والطبي لقطاع غزة عبر معبر رفح البري، إلى جانب مواصلة الجهود لزيادة كميات المساعدات رغم العراقيل الإسرائيلية. كما أشار إلى أن مصر تعمل بالتوازي على عقد “مؤتمر القاهرة للتعافي المبكر وإعادة الإعمار”، بدعوة للمانحين الدوليين وبالتعاون مع الأمم المتحدة.
دور الوساطة المصرية
مدبولي أوضح أن بلاده تواصل تحركاتها الدبلوماسية في إطار وساطتها مع قطر والولايات المتحدة للعودة إلى وقف إطلاق النار بشكل مستدام، وتهيئة الظروف لإنهاء الحرب وفتح الطريق أمام إعادة الإعمار. وأضاف أن مصر تنسق مع أطراف عربية ودولية لدعم تنفيذ مخرجات مؤتمر التسوية السلمية الذي عُقد في نيويورك الشهر الماضي برعاية سعودية ومشاركة فرنسية، مشددًا على أن المؤتمر يمثل خطوة مهمة لوضع جدول زمني معترف به دوليًا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
الجولة الفلسطينية في مصر
من جانبه، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إن زيارته إلى مصر تشمل جولة تفقدية لمعبر رفح البري والمستودعات الخاصة بتخزين المساعدات الإنسانية، إضافة إلى زيارة المستشفى الميداني في المنطقة. وأكد أن “الخطة العربية الإسلامية” لإعادة إعمار غزة توفر أرضية عملية للبدء في إعادة البناء دون أي تهجير قسري للفلسطينيين.
كما أشار إلى اتصالات تجريها السلطة الفلسطينية مع عدد من الدول المانحة للإعداد لمرحلة إعادة الإعمار، مثمنًا “الموقف المصري الصلب والمعارض بشكل كامل لسياسات التهجير”.
زيارة في توقيت حرج
ويرى مراقبون أن الزيارة تأتي في توقيت حساس، في ظل استمرار العدوان على غزة والمفاوضات التي تستضيفها القاهرة بين الفصائل الفلسطينية لبحث آليات مواجهة الاحتلال وترتيبات إدارة القطاع.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، إن الزيارة “تستهدف الاطلاع على حجم المساعدات التي يتم إدخالها يوميًا إلى غزة من الجانب المصري لمعبر رفح”، مؤكدًا أن القاهرة تلعب دورًا محوريًا في تهيئة الظروف لمرحلة ما بعد الحرب.
استعدادات لتأمين غزة بعد الحرب
وكان وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي قد كشف في تصريحات سابقة أن بلاده تعمل على تدريب عناصر أمنية فلسطينية لتتولى تأمين قطاع غزة بعد وقف الحرب، في إطار رؤية مصرية واضحة تركز على تمكين الفلسطينيين من إدارة شؤونهم بأنفسهم، بعيدًا عن أي محاولات لفرض وصاية خارجية.
تؤكد هذه التحركات أن القاهرة ما زالت تمثل المركز الأبرز في الجهود العربية والإقليمية والدولية لوقف نزيف الدم في غزة، وتعمل في الوقت ذاته على الحفاظ على وحدة الأراضي الفلسطينية والتصدي لمحاولات التهجير القسري، مع ضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية العاجلة للسكان المحاصرين.
اقرأ ايضًا…احتجاجات واسعة في إسرائيل: شخصيات بارزة تنضم للمظاهرات للمطالبة بصفقة تبادل وإنهاء الحرب