في كلمة حاسمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، دقت مصر ناقوس الخطر إزاء ما وصفته بـ”الظرف الإقليمي والدولي الحرج”، محذرة من أن الشرق الأوسط يقف على شفير الانفجار وسط غياب مقومات السلم والأمن واحترام الشرعية الدولية.
وأكد وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي و”الإبادة التي تجري في غزة” ينسف أي حديث عن سلام أو استقرار، مشدداً على أن القاهرة تطرح رؤية متكاملة من خمسة محاور لاستعادة العقلانية وتفادي الانزلاق إلى الفوضى.

المحور الأول: إنهاء حرب غزة واستعادة الاستقرار
شدد الوزير المصري على أن أولوية المجتمع الدولي يجب أن تكون وقف الحرب في غزة فوراً عبر:
حقن الدماء وضمان الأمن للجميع.
إطلاق مسار سياسي يقود إلى تجسيد حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
إدخال المساعدات الإنسانية دون قيود لمواجهة المجاعة التي “صنعتها إسرائيل”.
دعم خطة إعادة الإعمار والتعافي المبكر في القطاع.
رفض أي سيناريوهات للتهجير القسري للفلسطينيين، واعتبارها “جريمة تطهير عرقي”.
تعزيز صمود الشعب الفلسطيني والتأكيد على أن مصر “لن تكون بوابة لتصفية القضية الفلسطينية ولا شريكاً في نكبة جديدة”.
المحور الثاني: حلحلة أزمات الشرق الأوسط
تطرقت القاهرة إلى عدد من الأزمات الإقليمية، مؤكدة التزامها بدور الوسيط والداعم للاستقرار:
السودان: دعم المؤسسات الوطنية، والتعاون في إطار الرباعية الدولية لتحقيق السلام.
ليبيا: ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية.
اليمن: حل الأزمة وفق المرجعيات الدولية وصون حرية الملاحة في البحر الأحمر، خاصة بعد خسارة مصر أكثر من 9 مليارات دولار من عوائد قناة السويس.
الصومال: دعم وحدته ومشاركته في بعثة الاتحاد الأفريقي (أوسوم).
لبنان وسوريا: إدانة الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للسيادة، والدعوة لاحترام وحدة التراب الوطني.
كما أكد عبدالعاطي أن مصر تستضيف أكثر من 10 ملايين لاجئ وتوفر لهم خدمات أساسية “بلا تمييز”، داعياً المجتمع الدولي إلى تفعيل مبدأ تقاسم الأعباء.

المحور الثالث: الوساطة وبناء السلام
أوضح الوزير أن مصر تتبنى سياسة تقوم على الوساطة والتفاهمات، محذراً من مخاطر استهداف منشآت نووية خاضعة لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مخالفة صريحة للقانون الدولي.
المحور الرابع: التعاون وتعزيز الأمن المائي
أكد عبدالعاطي أن التعاون هو أساس الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة، محذراً من الإجراءات الأحادية التي “تعمق الأزمات”.
وتوقف عند أزمة سد النهضة الإثيوبي، مشدداً على أن القاهرة لن تتهاون في الدفاع عن حقوقها التاريخية في مياه النيل:
“لن نتهاون في حقوقنا، وميثاق الأمم المتحدة يكفل لنا حماية مصالحنا المائية. مصر قادرة على الدفاع عن وجودها.”
اقرأ أيضًا:
ما هي العقوبات التي ستُفرض على طهران؟.. وتأثيرها المتوقع على الاقتصاد الإيراني
المحور الخامس: إصلاح المنظمات الدولية
دعت مصر إلى إصلاح جذري في الأمم المتحدة ومؤسسات التمويل الدولية لضمان تمثيل عادل ومتوازن للدول النامية، وزيادة تمثيل القارة الأفريقية في آليات صنع القرار.
كما طالبت القاهرة بتسهيل وصول الدول النامية إلى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وبتمويل ميسر لمواجهة الأزمات الاقتصادية العالمية.

رسالة مصر للعالم: السلام خيار استراتيجي
اختتم الوزير المصري كلمته باقتباس من الرئيس عبدالفتاح السيسي:
“السلام هو خيار مصر الاستراتيجي لضمان مستقبل آمن ومستقر لشعوب المنطقة”.
مؤكداً أن يد القاهرة ممدودة بالسلام، لكنها لن تتهاون في حماية أمنها القومي ومصالحها الوجودية، داعياً المجتمع الدولي إلى عدم خذلان شعوب المنطقة التي تتطلع إلى العيش في أمان وكرامة.