كشفت بعثة أثرية مصرية إيطالية مشتركة عن مقابر يونانية رومانية رائعة تحمل نقوشًا هيروغليفية أصلية بالقرب من ضريح الآغا خان الشهير في أسوان، كاشفةً عن رؤىً ثاقبة حول ممارسات الدفن المصرية القديمة خلال فترة الحكم الأجنبي.
ويشمل الاكتشاف تابوتًا مذهلاً من الحجر الجيري، يبلغ ارتفاعه مترين (6 أقدام)، يعود لكا-مسيو، وهو مسؤول رفيع المستوى تُمثل مقبرته إحدى أكثر غرف الدفن روعةً من الناحية المعمارية وحفاظًا على حالتها في المنطقة.
مقابر أثرية مُكتشفة في أسوان
تتركز أعمال التنقيب، التي يُجريها المجلس الأعلى للآثار وجامعة ميلانو منذ عام 2019، على المقبرة المحيطة بضريح الآغا خان على الضفة الغربية لأسوان.
وفقًا لوزارة السياحة والآثار المصرية، تُعدّ المقبرة رقم 38 جوهرة تاج الاكتشافات الحديثة، إذ تتميز بعناصر معمارية متطورة تُظهر التطور المستمر للتقاليد الجنائزية المصرية في ظل التأثير البطلمي والروماني.
تكشف المقبرة رقم 38 عن تطور معماري استثنائي، ويمكن الوصول إليها عبر درج حجري من تسع درجات ينزل إلى عمق يزيد عن مترين تحت الأرض.
وتحيط بالمدخل مقاعد من الطوب اللبن يُعتقد أنها كانت تُستخدم لوضع القرابين الجنائزية، مما يُظهر التخطيط الدقيق الذي اتُبع في طقوس الدفن القديمة.
وذكرت مجلة “بوبيولار ميكانيكس”: “تقع المقبرة على عمق يزيد عن مترين تحت الأرض، ويمكن الوصول إليها عبر درج حجري من تسع درجات، تحيط به مقاعد من الطوب اللبن، يُعتقد أنها كانت تُستخدم لوضع القرابين الجنائزية”.

مقابر أثرية تكشف أسرار العصر اليوناني الروماني
في قلب المقبرة، يوجد تابوت رائع من الحجر الجيري، يبلغ ارتفاعه حوالي مترين، ويقع على منصة منحوتة في الصخر. يتميز الغطاء المُصمم على شكل إنسان بحرفية فائقة، إذ يُظهر وجهًا بشريًا مُفصّلًا بدقة، مُزينًا بشعر مستعار مصري تقليدي، وزخارف مرسومة رائعة.
ويمتد عمودان رأسيان من نصوص هيروغليفية محفوظة بإتقان على طول جسم التابوت، تحتوي على أدعية لآلهة أسوان المحلية، وتُسجل معلومات حيوية عن صاحب المقبرة وعائلته.
عناصر زخرفية من المقبرة رقم 38، تُبرز التقنيات الفنية المتطورة المُستخدمة في مقابر مصر في العصر اليوناني الروماني. (وزارة السياحة والآثار المصرية)
كا-مسيو: إرث مسؤول رفيع المستوى
تكشف النقوش الهيروغليفية أن المقبرة تعود لكا-مسيو، الذي عُرف بأنه مسؤول رفيع المستوى في عصره.
“يُقدم عمودان رأسيان من النصوص الهيروغليفية أدعية لآلهة أسوان المحلية، ويُحددان هوية صاحب المقبرة بأنه كا-مسيو، وهو مسؤول رفيع المستوى”، وفقًا لصحيفة ديلي نيوز إيجيبت.
تشير النقوش أيضًا إلى أفراد من عائلته، مما يشير إلى أن المقبرة كانت بمثابة سرداب عائلي عبر أجيال متعددة.
وُجدت عدة مومياوات داخل المقبرة، بما في ذلك مومياوات أطفال، مما يدل على استخدام عائلي ممتد عبر الأجيال. ستخضع هذه الرفات لفحوصات بالأشعة المقطعية وتحليلات بيولوجية خلال موسم التنقيب الخريفي القادم لتوفير رؤى أعمق حول هوياتهم وحالتهم الصحية وأسباب وفاتهم.
وتكشف أعمال التنقيب عن تسلسل هرمي اجتماعي مثير للاهتمام ينعكس في مواقع الدفن في جميع أنحاء الجبانة.
وأوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن هذا الاكتشاف “يقدم دليلاً واضحًا على استمرار استخدام الجبانة لأغراض جنائزية من قِبل طبقات اجتماعية مختلفة – من النخبة المدفونة في مقابر أعلى الهضبة، إلى الطبقة الوسطى التي استقرت على طول منحدراتها”.
أشار محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية، إلى أن “الهضبة الواقعة أعلى التل تضم مقابر ضخمة تحت الأرض تعود إلى العصر البطلمي، كانت مخصصة في الأصل لعائلات النخبة، ثم أُعيد استخدامها في العصر الروماني”.
اقرا أيضًا
طائر «الموا العملاق» سيعود للحياة ضمن مشاريع إعادة المخلوقات المنقرضة

ويُظهر هذا النمط من إعادة الاستخدام الأهمية الدائمة للموقع عبر فترات مختلفة من التاريخ المصري.
كشفت مواسم التنقيب السابقة عن مدرجات جنائزية إضافية ومقابر منحوتة في الصخر عبر التضاريس الوعرة لجبل سيدي عثمان، كاشفةً عن تكيفات معمارية مميزة مع المشهد الصحراوي الطبيعي.
وتواصل البعثة، بقيادة البروفيسورة باتريزيا بياسينتيني من جامعة ميلانو وفهمي الأمين، مدير عام الآثار في أسوان، تحقيق اكتشافات بارزة تُعزز فهمنا للممارسات الجنائزية المصرية القديمة.