في مشهد وُصف بأنه “نقطة تحول لا رجعة فيها” في مسار العملية السلمية، شهدت منطقة قرب مدينة السليمانية في شمال العراق، الجمعة، مراسم رمزية قام خلالها ثلاثون مقاتلاً من حزب العمال الكردستاني، بينهم نساء، بإحراق أسلحتهم، استجابةً لدعوة زعيم الحزب عبدالله أوجلان، لإنهاء أربعة عقود من النزاع المسلح مع الدولة التركية.
أردوغان: خطوة مباركة نحو تركيا خالية من الإرهاب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رحّب بهذه الخطوة، واصفًا إياها بأنها “خطوة مهمة نحو تحقيق هدفنا المتمثل في تركيا خالية من الإرهاب”. وأضاف خلال تصريحاته: “آمل أن تكون هذه الخطوة المباركة بداية لإحلال السلام الدائم في منطقتنا… اللهم وفقنا في تحقيق أهدافنا لأمن وطننا”.
وتأتي هذه التصريحات في إطار الجهود التي تقودها الحكومة التركية لإرساء عملية سلام شاملة مع الحزب، الذي صنفته أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة إرهابية منذ عقود.
حل حزب العمال الكردستاني ووقف إطلاق النار
وكان حزب العمال الكردستاني، الذي أسسه عبدالله أوجلان في أواخر سبعينيات القرن الماضي، قد أعلن في 12 مايو الجاري حل نفسه وإلقاء السلاح بشكل رسمي، تنفيذًا لدعوة أوجلان التي أطلقها في 27 فبراير الماضي من سجنه في جزيرة إيمرالي قبالة إسطنبول. كما أعلن الحزب في الأول من مارس وقفًا لإطلاق النار، في خطوة وصفت بأنها تاريخية وتمهد الطريق لإنهاء نزاع تسبب في توتر علاقات تركيا مع الأقلية الكردية ومع دول الجوار.
هجمات بطائرات مسيّرة قبل المراسم
وقبل ساعات قليلة من مراسم إحراق الأسلحة، أعلنت سلطات إقليم كردستان العراق عن إسقاط طائرتين مسيّرتين ليل الخميس – الجمعة قرب موقعين تابعين لقوات البشمركة المسلحة. ولم تتبنَّ أي جهة المسؤولية عن الهجومين، إلا أن التوتر الأمني الذي سبق المراسم لم يحل دون المضي قدمًا في تنفيذها.

أنقرة: علامة فارقة على طريق السلام
الحكومة التركية وصفت مراسم إحراق الأسلحة بأنها “علامة فارقة” و”نقطة تحول لا رجعة فيها”، معتبرةً أنها تعكس جدية غير مسبوقة في إنهاء النزاع الدموي الذي أودى بحياة الآلاف منذ اندلاعه.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تمهد الطريق أمام مرحلة جديدة في العلاقة بين الدولة التركية والأقلية الكردية، خصوصًا إذا ما استُكملت بخطوات إضافية على صعيد المفاوضات وإجراءات بناء الثقة.
مسار سلام محفوف بالتحديات
ورغم الأجواء الإيجابية التي رافقت المراسم، لا تزال الطريق إلى سلام شامل ودائم محفوفة بالتحديات، في ظل تعقيدات سياسية وإقليمية، إضافةً إلى الهواجس الأمنية المستمرة داخل تركيا وخارجها.

لكن المؤكد أن هذه الخطوة الرمزية التي شهدها شمال العراق تمثل لحظة فارقة في تاريخ الصراع الممتد منذ أربعة عقود، وتفتح نافذة أمل أمام مستقبل أقل عنفًا وأكثر استقرارًا لتركيا والمنطقة بأسرها.