شهدت مدينة غزة الأحد تصاعدًا خطيرًا في حدة التوترات الداخلية بعد اندلاع اشتباكات عنيفة بين عناصر من حركة حماس ومسلحين من عائلة دغمش في حي الصبرة وتل الهوى، ما أسفر عن مقتل عدد من الفلسطينيين، بينهم الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي صالح الجعفراوي، الذي يحظى بمتابعة ملايين المستخدمين عبر الإنترنت.
وذكرت مصادر طبية أن الاشتباكات أودت بحياة ثمانية فلسطينيين على الأقل، بينهم نجل القيادي في حركة حماس باسم نعيم، إلى جانب الجعفراوي الذي برز خلال الأشهر الماضية كأحد أبرز الوجوه الإعلامية في تغطية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأفادت تقارير ميدانية بأن المواجهات بدأت قبل يومين عقب مقتل عنصرين من الجناح العسكري لحماس، قبل أن تتصاعد الاشتباكات إثر محاصرة أجهزة أمن الحركة مربعًا سكنيًا لعائلة دغمش ومطالبتها بتسليم عدد من المطلوبين.
كما أكدت مصادر أمنية أن قوات حماس اعتقلت عددًا من الأشخاص في المنطقة، فيما أشار شهود عيان إلى صعوبة الوصول إلى مناطق الاشتباك بسبب تبادل إطلاق النار الكثيف.
ومنذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار، بدأت حماس في نشر عناصر من أجهزتها الأمنية في مختلف مناطق القطاع في محاولة لاستعادة النظام والهدوء.
من هو صالح الجعفراوي؟ نجم الحرب الغزاوي الذي تحوّل إلى ظاهرة على السوشيال ميديا
برز اسم صالح الجعفراوي، البالغ من العمر 26 عامًا، كأحد أشهر الوجوه الإعلامية الفلسطينية خلال الحرب على غزة، بعدما تحوّلت مقاطع الفيديو التي كان يبثها من قلب الدمار إلى مشاهدات قياسية على مواقع التواصل الاجتماعي، ليصبح أحد أبرز الأصوات الفلسطينية التي نقلت معاناة المدنيين للعالم.
ومع ذلك، أثار الجعفراوي جدلًا واسعًا، إذ اعتبره الفلسطينيون والعرب رمزًا للمقاومة الإعلامية، بينما وصفته إسرائيل بأنه “مروج للأكاذيب والدعاية”.
وعُرف الجعفراوي على الإنترنت باسم “السيد فافو”، حيث كان يملك ملايين المتابعين عبر حسابه على إنستغرام قبل أن تقوم شركة “ميتا” بحظره يوم السبت، بدعوى نشره محتوى “مضلل” يتعلق بالحرب في غزة، بينما بقي نشطًا على منصاته الأخرى مثل “يوتيوب” الذي يمتلك فيه نصف مليون مشترك، و”تويتر” (إكس) الذي يتابعه عليه عشرات الآلاف.
إسرائيل تتهمه بالتضليل وحملات إلكترونية تشن هجومًا لتشويه صورته
اتهمت وسائل إعلام إسرائيلية صالح الجعفراوي بتلفيق معلومات وبث روايات كاذبة حول العمليات العسكرية في غزة، مشيرة إلى أنه شارك في مقاطع فيديو دعائية مؤيدة لحماس ظهر فيها بملابس الأطباء أو المقاتلين، بل وحتى في مشاهد مفبركة، وفقًا لتقارير إسرائيلية نُشرت في “جيروزاليم بوست”.
كما ذكرت الخارجية الإسرائيلية في منشور على منصة “إكس” أن الجعفراوي “يمثل نموذجًا واضحًا لكيفية استخدام حماس وسائل التواصل الاجتماعي لنشر معلومات مضللة”.
ورغم ذلك، واصل الجعفراوي نشاطه الإعلامي حتى الأيام الأخيرة، مؤكدًا أنه يتعرض لحملات تشويه منظمة تهدف إلى إسكات الأصوات الفلسطينية المستقلة.
الجعفراوي يرد على الاتهامات الإسرائيلية: “يحاولون اغتيالي معنويًا”
في مقطع فيديو بثه قبل مقتله عبر حسابه على إنستغرام، رد صالح الجعفراوي على الاتهامات الإسرائيلية التي وصفته بـ”العميل السري”، قائلًا: “الاحتلال الإسرائيلي يشن حملة تشويه ضخمة ضدي، ويدّعي أنني عميل لهم، لكن الحقيقة أنهم يحاولون فقط اغتيالي معنويًا لأنني أكشف جرائمهم أمام العالم”.
وأضاف: “الله يطول بعمري وأظل فاضحكم”.
وقد حظي الفيديو بتفاعل واسع وملايين المشاهدات، حيث عبّر رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن تضامنهم معه، مؤكدين أن ما يتعرض له هو جزء من سياسة إسرائيلية تهدف إلى “شيطنة” الصحفيين والناشطين الفلسطينيين وتشويه سمعتهم.
وأشار عدد من المعلقين إلى أن وحدة الاستخبارات الإسرائيلية “8200” تعتمد هذا الأسلوب بشكل ممنهج عبر ترويج الأكاذيب حول النشطاء والإعلاميين الذين يوثقون جرائم الاحتلال.
مقتله الجعفراوي يثير صدمة في غزة والعالم العربي وسط دعوات للتحقيق في ملابسات الحادث
أثار مقتل صالح الجعفراوي خلال اشتباكات الصبرة موجة من الغضب والحزن على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره ناشطون “رمزًا إعلاميًا للمقاومة الرقمية” التي واجهت الرواية الإسرائيلية بالصور والكلمات.
وطالب كثيرون بفتح تحقيق مستقل لمعرفة ملابسات مقتله في ظل تضارب الأنباء حول ما جرى في المنطقة.
ورغم الجدل الكبير الذي أثاره خلال حياته القصيرة، يبقى صالح الجعفراوي واحدًا من أبرز الوجوه الإعلامية التي استخدمت الهاتف والكاميرا كسلاح لمواجهة آلة الحرب، ليخلد اسمه كصوت من أصوات غزة التي نقلت الحقيقة إلى العالم حتى اللحظة الأخيرة.
اقرأ ايضًا…الرئيس الفرنسي يدعو لـ “اتفاق سلام على طريقة غزة” لإنهاء حرب أوكرانيا