في خطوة تعيد إحياء واحد من أكثر المشاريع الهندسية طموحًا في التاريخ الحديث، كشف مبعوث الاستثمار الروسي كيريل ديمترييف عن بدء دراسة الجدوى لمشروع نفق عملاق يربط روسيا بالولايات المتحدة عبر مضيق بيرينغ، وهو ما وصفه بأنه “رمز لوحدة الشعوب”.
الفكرة التي أطلق عليها الإعلام الروسي اسم “نفق بوتين–ترامب” أثارت جدلاً واسعًا بعد أن أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اهتمامه بها، بينما عبّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن تحفظه عليها خلال مؤتمر صحفي جمعهما في واشنطن.

حلم قديم يعود إلى الواجهة
وأوضح ديمترييف، رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي (RDIF)، أن دراسة الجدوى الخاصة بالمشروع بدأت قبل ستة أشهر بتمويل من شركاء دوليين.
وأضاف أن الصندوق سبق أن موّل إنشاء أول جسر سكك حديدية بين روسيا والصين، ما أدى إلى تقليص مسافة النقل بين البلدين بأكثر من 700 كيلومتر، مؤكداً أن هذه التجربة ستكون أساسًا لتطوير مشروع نفق بيرينغ الجديد.
ويقترح المشروع إنشاء نفق بطول نحو 70 ميلاً (112 كيلومترًا) يربط منطقة تشوكوتكا الروسية النائية بـ ولاية ألاسكا الأمريكية عبر سكة حديدية تحت البحر.
ويُتوقع أن يتيح هذا الربط إمكانية حركة البضائع والركاب بين آسيا وأمريكا الشمالية، ما قد يغير موازين التجارة العالمية بشكل جذري.

ترامب يعلق: “فكرة مثيرة للاهتمام”
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، في واشنطن، سُئل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رأيه في المشروع، فأجاب بابتسامة: “إنها فكرة مثيرة للاهتمام.”
ثم وجه ترامب سؤاله لزيلينسكي حول رأيه، ليجيب الأخير مازحاً: “لست سعيداً بهذه الفكرة”، لتثير الإجابة موجة ضحك بين الحضور الأمريكيين، في مشهد يعكس الطابع السياسي والرمزي الذي قد يحمله هذا المشروع لو تم تنفيذه يوماً ما.

مشاركة محتملة من إيلون ماسك
ودعا ديمترييف في منشور لاحق عبر منصة “إكس” (تويتر سابقاً) الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى المشاركة في تنفيذ المشروع من خلال شركته “ذا بورينغ كومباني” (The Boring Company)، المتخصصة في حفر الأنفاق.
وقال ديمترييف إن انضمام ماسك سيضيف خبرة هندسية متقدمة وقدرات تمويلية ضخمة تسهم في تحقيق حلم الربط بين القارات.
رؤية تمتد لأكثر من قرن
وأشار المبعوث الروسي إلى أن فكرة الربط بين روسيا والولايات المتحدة عبر مضيق بيرينغ ليست جديدة، بل تعود جذورها إلى مشروع سكة سيبيريا–ألاسكا عام 1904، ثم إلى خطة روسية طُرحت مجددًا عام 2007 دون أن ترى النور.
وأكد أن الصندوق الروسي أعاد دراسة جميع المقترحات السابقة، بما فيها مشروع خط سكك حديدية دولي يربط أمريكا وكندا وروسيا والصين، مضيفًا أن “الخيار الأكثر جدوى هو ما سيتم دعمه وتنفيذه”.

يرى مراقبون أن مشروع “نفق بوتين–ترامب”، في حال تنفيذه، لن يكون مجرد إنجاز هندسي فحسب، بل تحولًا استراتيجيًا في العلاقات بين موسكو وواشنطن، فالنفق سيشكل بوابة تجارية كبرى بين القارتين الأوراسية والأمريكية، وقد يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي رغم التوترات السياسية القائمة بين البلدين.
اقرأ أيضًا:
الكرملين يلتزم الصمت بشأن مطالبة دمشق الجديدة بتسليم بشار الأسد
ديمترييف: “رمز لوحدة الشعوب”
وختم كيريل ديمترييف منشوره قائلاً: “تخيلوا ربط القارتين الأميركيتين بأوراسيا عبر نفق بوتين–ترامب بطول 70 ميلاً… إنه رمز لوحدة الشعوب وتكامل الحضارات.”
بينما ما زال المشروع في مراحله الأولى من الدراسة، فإن مجرد طرح فكرة ربط روسيا بالولايات المتحدة عبر نفق تحت مضيق بيرينغ أثار اهتماماً عالمياً واسعاً، وبين الحلم الهندسي والطموح السياسي، يبقى السؤال: هل يتحول “نفق بوتين–ترامب” من رؤية طوباوية إلى واقع يغيّر خريطة العالم
