قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، الثلاثاء، إن المعلومات الواردة من جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية بشأن استعداد فرنسا لإرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا، “مثيرة للقلق”، داعياً الدول الأوروبية إلى إعادة النظر في تحالفاتها مع الدول التي “تبرر الإرهاب”، في إشارة إلى الدعم الغربي المستمر لكييف.
وأضاف بيسكوف، خلال مؤتمر صحفي في موسكو، أن هذه التطورات “تعزز المخاوف الروسية من انخراط مباشر للقوى الأوروبية في النزاع الأوكراني”، محذراً من أن مثل هذه التحركات قد تؤدي إلى تصعيد غير مسبوق في المواجهة مع الغرب.

تقارير استخباراتية: فرنسا تستعد لإرسال ألفي جندي إلى أوكرانيا
وأكد جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي، في بيان رسمي نقلته وكالة “سبوتنيك”، أن فرنسا تستعد لنشر وحدة عسكرية قوامها نحو ألفي جندي وضابط في أوكرانيا، بأمر مباشر من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وذلك “لدعم نظام كييف” ضد القوات الروسية.
وقال البيان إن “هيئة الأركان العامة الفرنسية وضعت خطة لنشر هذه القوة الخاصة”، مشيراً إلى أن العمود الفقري للتشكيل العسكري الفرنسي سيتكون من عناصر الفيلق الأجنبي الفرنسي، وغالبيتهم من جنود من أمريكا اللاتينية.
وأضاف أن هذه الوحدات تمركزت بالفعل في المناطق المتاخمة لأوكرانيا داخل بولندا، حيث تخضع لعمليات تنسيق وتدريب قتالي مكثف تمهيداً لإرسالها إلى الجبهة الأوكرانية.
موسكو: ماكرون يسعى لتاريخ عسكري بعد فشله السياسي
ونقلت الاستخبارات الروسية في بيانها اتهامات مباشرة للرئيس الفرنسي ماكرون، معتبرة أنه “يحلم بتدخل عسكري في أوكرانيا”، مشيرة إلى أن “فشله في معالجة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية داخل فرنسا جعله يسعى لدخول التاريخ كقائد عسكري”.

وقالت إن ماكرون “يعيش حالة من الإحباط السياسي”، ويحاول عبر الملف الأوكراني استعادة نفوذه الداخلي وتأكيد دوره القيادي في الاتحاد الأوروبي، رغم المعارضة الواسعة داخل فرنسا لفكرة إرسال قوات إلى الخارج.
بيسكوف: كييف هي من تعرقل مفاوضات السلام
وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم الكرملين إن توقف المفاوضات بين موسكو وكييف يعود إلى رفض الجانب الأوكراني مواصلة العملية التفاوضية، موضحاً أن “كييف لم ترد على المقترحات الروسية ولا على مسودات الوثائق التي تم تبادلها”.
وأضاف بيسكوف: “التوقف الذي طرأ على المفاوضات ناجم عن إحجام نظام كييف عن مواصلة عملية التفاوض هذه، وعدم رده على الأسئلة والملاحظات التي قدمناها بشأن صيغة العمل المستقبلية ضمن المجموعات المختلفة”.
وأكد أن روسيا ما زالت منفتحة على الحلول الدبلوماسية، لكن “كييف تفضل التصعيد العسكري المدعوم من الغرب على الحوار السياسي”.

الكرملين ينتقد أوروبا: خطوات متهورة و”سرقة للأصول الروسية”
وفي رده على تصريحات رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بشأن تعزيز التعاون مع نظيره السلوفاكي أندريه بابيش، وزعيم حركة “عمل المواطنين غير الراضين” (ANO)، قال بيسكوف إن دول الاتحاد الأوروبي تتجه لاتخاذ قرارات متهورة، قد تتسبب في “مشاكل وصداع” للقارة بأكملها.
وأضاف المتحدث الروسي أن من بين هذه الخطوات مصادرة الأصول الروسية أو “سرقتها” تحت ذرائع سياسية، إضافة إلى الحديث عن ضم أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما تعتبره موسكو “إجراءً عدائياً من شأنه زعزعة استقرار القارة الأوروبية”.
اقرأ أيضًا:
نيويورك تايمز: ترامب يُقيد تحركات نتنياهو وواشنطن تعيد رسم ملامح العلاقة مع إسرائيل
تحذيرات روسية من التصعيد الأوروبي
تأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي توترات غير مسبوقة منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا عام 2022.
وتحذر موسكو من أن أي تدخل عسكري غربي مباشر في أوكرانيا سيُعتبر عملاً عدائياً ضد روسيا، وقد يؤدي إلى اتساع رقعة الصراع لتشمل أوروبا بأكملها.
وفي المقابل، تؤكد فرنسا أن إرسال قوات إلى أوكرانيا – إن تم – سيكون في إطار “مهمة دعم وتدريب” وليس للقتال المباشر، في حين ترى موسكو أن أي وجود عسكري أجنبي على الأراضي الأوكرانية يعد مشاركة فعلية في الحرب.
بينما تسعى موسكو إلى تصوير التحركات الفرنسية على أنها مغامرة عسكرية غير محسوبة العواقب، يؤكد مراقبون أن الموقف الروسي يأتي في إطار محاولة الضغط على أوروبا لمنعها من تقديم دعم إضافي لكييف.
ويبدو أن الأزمة الأوكرانية تدخل مرحلة جديدة من الاستقطاب الدولي، مع تصاعد المخاوف من انزلاق الصراع إلى مواجهة مباشرة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو).
