تواجه شركة “ميتا” الأمريكية تحديًا استراتيجيًا معقدًا، يتمثل في الاعتماد المتزايد على سلسلة توريد صينية تقودها شركة “جورتيك”، وذلك في الوقت الذي تسعى فيه ميتا إلى مواءمة سياساتها مع الموقف الأمريكي المتشدد تجاه الصين.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، فإن “جورتيك” الصينية تعزز سيطرتها على سوق النظارات الذكية، مما يضع “ميتا” في مأزق بين المصالح التجارية والتوجهات الجيوسياسية.

“جورتيك” تصنع الجيل القادم من “هايبرنوفا”
وتتولى شركة “جورتيك”، التي تتخذ من مقاطعة شاندونج الصينية مقرًا لها، تصنيع الجيل الجديد من نظارات “ميتا” الذكية تحت اسم “هايبرنوفا”، والتي ستتضمن لأول مرة شاشة صغيرة على العدسة لعرض الإشعارات والتفاعل مع مساعد الذكاء الاصطناعي.
وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية توسعية عدوانية للشركة، تشمل:
-
السيطرة على شركة “شنغهاي أومني لايت” المتخصصة في البصريات الدقيقة.
-
تمويل استحواذ على شركة “بليسي” البريطانية لتقنيات العدسات المتقدمة.
تورط أعمق في سلسلة التوريد
تقوم “جورتيك” أيضًا بإنتاج سماعات الواقع الافتراضي “كويست”، إضافة إلى نظارات “راي-بان ميتا” الذكية، مما يمنحها دورًا محوريًا في سلسلة التوريد الخاصة بميتا.
ورغم جهود “ميتا” الأخيرة لنقل جزء من الإنتاج إلى فيتنام لتقليل الاعتماد على الصين، إلا أن “جورتيك” لا تزال الشريك الرئيسي حتى في المصانع الجديدة.
خبير: “ميتا لا تملك خيارًا آخر”
ونقلت “فاينانشال تايمز” عن أحد المطلعين على التفاصيل قوله: “جورتيك شركة عدوانية في استراتيجيتها، وقد تنبّهت مبكرًا إلى الفرص التي يتيحها عالم الميتافيرس، ميتا لا تملك خيارات واسعة، فهي تعتمد على جورتيك كمورد موثوق ومستقر”.
تناقض مع موقف زوكربيرج المعادي للصين
يعكس هذا الاعتماد المقلق تناقضًا صارخًا مع الموقف المتشدد الذي أبداه مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، ضد الصين.
فبعد سنوات من محاولات فاشلة لدخول السوق الصينية منذ حظر “فيسبوك” عام 2008، تحوّل زوكربيرج مؤخرًا إلى التحذير من تفوق الصين في الذكاء الاصطناعي، وأبلغ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، شخصيًا بخطورة خسارة هذا السباق أمام بكين.
كما يعمل أندرو بوسوورث، كبير مسؤولي التكنولوجيا في “ميتا”، كمستشار احتياطي لدى وزارة الحرب الأمريكية لتقديم الرأي في استخدامات الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري.
اقرأ أيضًا:
جهاز «أونر ماجيك باد 3».. تجربة متكاملة تجمع بين الذكاء الاصطناعي والأداء القوي
توتر سابق بسبب انتهاك محتمل للملكية الفكرية
شهدت العلاقة بين الشركتين توترًا في عام 2022، عندما اكتشفت “ميتا” أن “جورتيك” بدأت ببيع نسخة أرخص من نظارات “كويست” تشبه منتج ميتا على منصات إلكترونية في الصين.
ورغم نية “ميتا” في ذلك الوقت رفع دعوى قضائية، إلا أنها تراجعت لاحقًا، وفقًا لمصادر الصحيفة.
من جانبها، نفت “جورتيك” الاتهامات، وأكدت التزامها التام بالاتفاقيات الموقعة واحترام حقوق الملكية الفكرية.
ميتا: سلسلة التوريد “متنوعة“.. رغم المؤشرات المعاكسة
أكدت “ميتا” في بيان صحفي أنها تملك “سلسلة توريد متنوعة وقوية”، مشيرة إلى مراجعة مستمرة لفرص التوريد حول العالم، وخاصة بعد النجاح الكبير لنظارات “راي-بان ميتا” التي باعت مليوني وحدة بحلول فبراير 2025.
مع ذلك، يرى محللون أن الاعتماد الفعلي على “جورتيك” لا يزال كبيرًا، ما يضع “ميتا” أمام تحديات حقيقية في فك الارتباط عن الموردين الصينيين دون التأثير على سلاسة الإنتاج أو الجودة.