ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الجمعة، كلمة حازمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أثارت ردود فعل واسعة في القاعة وعلى المستوى الدولي، حيث غادر عشرات المندوبين مقر الانعقاد احتجاجًا قبل بدء خطابه، وفي كلمته جدد نتنياهو تأكيده على مواصلة العمليات العسكرية ضد حماس حتى «إنهاء المهمة»، كما ادعى أن إسرائيل شنّت ضربات استراتيجية شملت أهدافاً في إيران وواجهت «محاولات تبييض» انتقادات دولية.
مغادرة الوفود احتجاجًا وردود الفعل داخل القاعة
شهدت الجلسة خروجًا جماعيًا لعدد من الدبلوماسيين من قاعة الجمعية العامة قبيل خطاب نتنياهو، وهو مشهد يعكس الانقسام الدولي العميق بشأن الحرب الدائرة في غزة وتداعياتها الإنسانية والسياسية. وصف مراقبون الإجراء بأنه رسالة احتجاج رمزية على مواقف تل أبيب وسياساتها العسكرية.
وقال نتنياهو خلال كلمته إن إسرائيل «سحقت الجزء الأكبر من آلة الإرهاب التابعة لحماس» وأنها تسعى إلى «إكمال المهمة بأسرع وقت ممكن»، موضحًا أن «آخر فلول حماس متحصنة في مدينة غزة»، وتعهد بالاستمرار في العمليات العسكرية حتى تحقيق أهدافه الأمنية. تصريحات نتنياهو صعدت حدة الانقسام في ردود الفعل الدولية، بين مؤيدين يرون أنها تعبّر عن حق الدفاع، ومعارضين يحذرون من تبعات عسكرية وإنسانية أكبر.
إيران وحلفاؤها
أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بحسب نص كلمته، بما وصفه «سلسلة انتصارات استراتيجية»، وقال إن إسرائيل نفذت ضربات استهدفت قدرات إيرانية، واتهم إيران بدعم فصائل إقليمية تستهدف إسرائيل. كما ناقش دور حزب الله والحوثيين واعتبر أن إسرائيل «ألحقت شللاً» ببعض هذه المجموعات، مطالبًا المجتمع الدولي بعدم السماح لإيران بإعادة بناء قدراتها النووية. في كلمته شكر نتنياهو الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على «تحركه الحاسم ضد إيران».
الخطاب الموجه إلى غزة وأسرى الحرب
أعلن مكتب نتنياهو أن إسرائيل نصبت مكبّرات صوت على الحدود وبثت عبرها خطابه إلى داخل قطاع غزة، وقال إن الخطاب موجه أيضاً للرهائن الإسرائيليين المحتجزين هناك: «لم ننساكم… شعب إسرائيل معكم». خطوة البث عبر مكبرات الصوت أثارت انتقادات واتهامات بأنها جزء من حملة إعلامية متنازع عليها. تقارير ميدانية أشارت إلى أن إدعاءات البث لم تكن موحدة التأكيد لدى سكان غزة.
اقرأ أيضًا:
خامنئي: المفاوضات مع واشنطن “طريق مسدود”.. وإيران ترفض التنازل عن برنامجها النووي
موقف نتنياهو من الاعتراف بفلسطين والاتهامات الدولية
رفض نتنياهو الاتهامات الموجهة لإسرائيل بـ«الإبادة الجماعية» أو استخدام التجويع كأسلوب حرب، واتهم حماس باستخدام المدنيين «دروعًا بشرية» واستهدافها في حملات دعائية تستغل وسائل الإعلام الأوروبية. كما اعتبر أن الاعتراف بدولة فلسطينية من قبل بعض الدول الغربية سيكون «انتحارًا» لإسرائيل، محذرًا من أن منح دولة للفلسطينيين في ظل ما وصفه بـ«هيمنة حماس» سيعرض أمن بلاده للخطر. ووصف بعض الانتقادات الدولية بأنها «أكاذيب معادية للسامية».

ما الذي يعنيه الخطاب دبلوماسيًا وسياسيًا؟
خطاب نتنياهو أمام الأمم المتحدة يأتي في ظل تصعيد دولي واسع، ويبدو أنه يسعى لإثبات شرعية خياراته الأمنية أمام قادة العالم والراعيين الدوليين بينما يواجه عزلة دبلوماسية متصاعدة. خروج الوفود وبيانات الاحتجاج يعكسان مخاطر سياسية على إسرائيل، بينما تبقى الرسائل العسكرية والتأكيدات الأمنية جزءًا من مسعى تل أبيب للحفاظ على تأييد داخلي وإقليمي.
قد لا يغيّر خطاب اليوم المعطيات الميدانية الراهنة، لكنه يبلور بوضوح الخطوط السياسية التي تريد حكومة نتنياهو المضيّ فيها: استمرار الضغط العسكري على حماس والضغط الإقليمي ضد إيران وامتداداتها، مع رفض أي إملاءات أو اعترافات دولية تُفرض على إسرائيل بشأن مستقبل الأراضي الفلسطينية. في المقابل، يزداد خطر التوتر الدبلوماسي والعزلة على الساحة الدولية، ما قد يؤثر على أفق الحلول السياسية مستقبلاً.