يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أزمة سياسية داخلية غير مسبوقة، تهدد بانهيار ائتلافه الحكومي، في ظل تصاعد الخلافات مع شركائه من الأحزاب اليمينية المتطرفة، وفي محاولة للبقاء في الحكم، كشفت صحيفة هآرتس العبرية أن نتنياهو يستعد لعرض خطة على المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) تتضمن ضم مناطق من قطاع غزة، بهدف استرضاء شركائه المتشددين وعلى رأسهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

خطة الضم: مناورة سياسية أم تصعيد ميداني؟
بحسب التقرير، فإن خطة نتنياهو تشمل تنفيذ ضم تدريجي لأراضٍ من قطاع غزة، تبدأ بـ”المنطقة العازلة” التي أقامها الجيش الإسرائيلي داخل القطاع، لتتوسع لاحقًا نحو شمال غزة، تحديدًا المناطق القريبة من بلدتي سديروت وعسقلان، وصولًا إلى إمكانية ضم كامل للقطاع مستقبلاً.
المرحلة الأولى من الخطة مشروطة برفض حركة حماس لهدنة مؤقتة، وهو ما سيُستخدم كمبرر للبدء بتنفيذ الخطوات على الأرض، وفقًا لما أُبلغ به وزراء في الحكومة خلال مشاورات مغلقة.
ضغوط يمينية غير مسبوقة: “الضم أو الانسحاب”
تأتي هذه الخطوة بعد تصاعد التوترات داخل الائتلاف الحاكم، لا سيما بعد قرار نتنياهو السماح بزيادة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهو القرار الذي أثار غضب أحزاب اليمين المتطرف، وعلى رأسها “الصهيونية الدينية”.
وزير المالية سموتريتش هدّد علنًا بإعادة النظر في استمراره ضمن الحكومة ما لم تبدأ عملية الضم فورًا، مؤكدًا أن بقاءه “مؤقت في هذه المرحلة”، ويعتمد على التزام نتنياهو بتنفيذ الخطوة.
أما وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير، فهاجم قرار المساعدات ووصفه بأنه “إفلاس أخلاقي”، مؤكدًا أن إدخال الإغاثة في ظل احتجاز الجنود الإسرائيليين في غزة “أمر غير مقبول”.
تحذيرات من تفكك الحكومة
مصادر إعلامية إسرائيلية نقلت عن وزيرة الاستيطان أوريت ستروك، تهديدًا مباشرًا: “إن لم يعرض علينا نتنياهو خلال أيام خطة واضحة لتحقيق النصر في غزة، فلن نستمر في هذه الحكومة”.
هذا التهديد يعكس حالة الانقسام داخل الائتلاف الحاكم، واحتمالية انهياره في حال لم يستجب نتنياهو لمطالب أقصى اليمين.
ادعاء “الضوء الأخضر” من إدارة ترامب
في محاولة لتمرير خطته داخليًا وخارجيًا، نقلت هآرتس أن نتنياهو أبلغ وزراءه بأن “الخطة حظيت بموافقة ضمنية من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب”، وأن وزير الخارجية الأمريكي المرتقب ماركو روبيو، اطّلع عليها خلال لقاء مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر.
ولم يحضر ترامب اللقاء، حيث كان متواجدًا حينها في زيارة إلى أسكتلندا، وفقًا للتقارير.
اقرأ أيضًا
ساعر: لن نسمح بفرض “دولة فلسطينية”.. وإسرائيل ليست تشيكوسلوفاكيا
خطر التصادم مع المجتمع الدولي
تحذر الأوساط الإسرائيلية والدولية من أن إقدام نتنياهو على تنفيذ خطة الضم، قد يؤدي إلى مواجهة مفتوحة مع المجتمع الدولي، باستثناء الولايات المتحدة.
وتوقعت هآرتس أن مثل هذا الإعلان قد يؤدي إلى:
-
موجة اعترافات أوروبية بدولة فلسطينية، خاصة من دول مثل فرنسا.
-
عقوبات دبلوماسية أو اقتصادية محتملة على إسرائيل.
-
تزايد عزلة تل أبيب على الساحة الدولية، في ظل رفض عالمي لضم أراضٍ بالقوة.
نتنياهو بين خيارين: البقاء أو الانفجار الدبلوماسي
يقف نتنياهو أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما الاستجابة لضغوط شركائه اليمينيين والتصعيد نحو ضم غزة، مع ما يحمله ذلك من تداعيات دولية؛ أو رفض مطالبهم وخسارة الائتلاف الحكومي، ما قد يفتح الباب أمام انتخابات مبكرة في ظل تراجع شعبيته.
وبين الضغوط الداخلية والرفض الدولي، تتزايد التساؤلات حول مستقبل الحكومة الإسرائيلية، وقدرتها على الاستمرار وسط تصاعد التوتر السياسي والأمني في آنٍ واحد.