تتواصل عمليات النزوح الجماعي من مدينة غزة في ظل تكثيف الجيش الإسرائيلي لغاراته الجوية والمدفعية، في وقت تتضارب فيه تقديرات أعداد النازحين بين الرواية الإسرائيلية والجهات الفلسطينية.
وبينما يؤكد الاحتلال أن أكثر من 250 ألف شخص غادروا المدينة، تقلل مصادر محلية ودولية من صحة هذه الأرقام، مشيرة إلى أن الأزمة الإنسانية في القطاع بلغت مستويات كارثية.

تقديرات الجيش الإسرائيلي: ربع مليون نازح
قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر منصة “إكس”، إن “أكثر من ربع مليون من السكان والمقيمين في مدينة غزة انتقلوا إلى خارجها حفاظاً على سلامتهم”.، ووفق بيانات الجيش، يأتي ذلك في إطار ما يصفه الاحتلال بخطة “السيطرة على مدينة غزة”، التي يعتبرها آخر معاقل حركة حماس في القطاع.
كما وزعت الطائرات الإسرائيلية منشورات على سكان الأحياء الغربية للمدينة دعتهم فيها إلى المغادرة عبر شارع الرشيد نحو منطقة المواصي جنوب القطاع، وهددت باستخدام “قوة كبيرة” في حال البقاء.
موقف الأمم المتحدة والتحذيرات الدولية
بحسب تقديرات الأمم المتحدة، كان نحو مليون شخص يعيشون في مدينة غزة ومحيطها قبل بدء الهجوم الأخير الذي استهدف الأبراج السكنية والبنية التحتية.
ودعت المنظمة الدولية إسرائيل إلى التراجع عن خطة السيطرة على المدينة، كما حذرت من أن النزوح الجماعي سيضاعف الأزمة الإنسانية الخانقة التي يعيشها أكثر من مليوني نسمة في القطاع.
من جهتها، اعتبرت منظمات دولية أن غياب مناطق آمنة وعدم توفر بنية تحتية لإيواء النازحين يجعل عمليات الإخلاء شبه مستحيلة، ما يفاقم الوضع الإنساني.

الدفاع المدني في غزة: الأرقام مبالغ فيها
في المقابل، شكك الدفاع المدني في غزة في الرواية الإسرائيلية، حيث قال الناطق باسمه محمود بصل إن “مزاعم الاحتلال حول نزوح ربع مليون مواطن من مدينة غزة إلى الجنوب كاذبة”.
وأكد أن عدد النازحين لا يتجاوز 68 ألفاً، معظمهم انتقلوا إلى الجنوب.
فيما لا يزال الآلاف متشبثين بالبقاء في المدينة رغم القصف المكثف.
اقرأ أيضًا:
لابيد: المقترح المصري لتشكيل قوة عربية مشتركة “ضربة موجعة لاتفاقيات السلام”
أزمة مأوى وعودة قسرية
مدير مستشفى الشفاء الطبي محمد أبو سلمية أوضح أن النزوح الداخلي يتركز من شرق غزة نحو غربها، مشيراً إلى أن من يحاولون الخروج إلى الجنوب غالباً لا يجدون مكاناً للإقامة.
منطقة المواصي الإنسانية مكتظة بالكامل.
مدينة دير البلح تعاني ازدحاماً شديداً.
وأضاف أبو سلمية أن بعض العائلات اضطرت إلى العودة مجدداً إلى مدينة غزة بعد فشلها في العثور على مأوى أو خدمات أساسية، قائلاً: “بعد قصف المدارس والبيوت والخيام يعود المواطنون إلى المناطق نفسها وينصبون خيامهم من جديد”.

استمرار القصف وتدمير البنية التحتية
الجيش الإسرائيلي أعلن أنه ينوي تكثيف وتيرة ضرباته “المحددة الأهداف” ضد ما يسميه “البنية التحتية الإرهابية لحماس”، حيث دمّر عدة أبراج سكنية خلال الأيام الأخيرة، لكن الغارات لم تقتصر على المواقع العسكرية، إذ استهدفت أحياء مكتظة، ومدارس، ومراكز إيواء، ما جعل المدنيين يدفعون الثمن الأكبر.
تُظهر المعطيات المتناقضة حول أعداد النازحين من غزة حجم الفوضى الإنسانية والسياسية المحيطة بالهجوم الإسرائيلي على المدينة. وبينما يصر الاحتلال على مواصلة خطته العسكرية، تحذر الأمم المتحدة من كارثة متصاعدة، في وقت يجد فيه سكان غزة أنفسهم بين خطر البقاء تحت القصف أو مواجهة نزوح بلا مأوى.