منذ توليها مهام المبعوثة الأممية إلى ليبيا في فبراير 2025، لم تكترث الغانية المخضرمة هانا تيتيه بكمّ الانتقادات التي تطال البعثة أو شخصها، بل وضعت نصب عينيها هدفًا واحدًا: كسر الجمود السياسي وتمهيد الطريق للانتخابات. بخلفية قانونية سياسية ودبلوماسية تمتد لعقود، أصبحت تيتيه الشخصية العاشرة التي تتولى هذا المنصب منذ 2011، وتحاول اليوم تحقيق ما فشل فيه أسلافها، وفي مقدمتهم السنغالي عبد الله باتيلي.
“هانا تيتيه” آخر أوراق الأمم المتحدة في ليبيا
خلال خمسة أشهر فقط من وجودها في ليبيا، اصطدمت تيتيه بتهم “الانحياز”، وهو مأزق متكرر لأي وسيط أممي في ساحة تنقسم أطرافها بين من يرى أن “من ليس معنا فهو ضدنا”. لكنها رغم ذلك تمضي، وتستعد هذا الشهر لعرض “خريطة طريق سياسية” أمام مجلس الأمن، تأمل أن تفتح بابًا نحو الاستحقاق الانتخابي المنتظر.

من غانا إلى قلب ليبيا
ولدت هانا تيتيه عام 1967 لأب غاني وأم مجرية، ودرست القانون في جامعة غانا، قبل أن تنضم لنقابة المحامين عام 1992. دخلت الحياة السياسية عبر البرلمان، ثم شغلت مناصب وزارية في بلادها، أبرزها وزيرة الخارجية (2013–2017). كذلك شغلت مناصب دبلوماسية رفيعة مع الأمم المتحدة، أبرزها المبعوثة الخاصة للقرن الإفريقي، ورئيسة مكتب المنظمة لدى الاتحاد الإفريقي.
مكاشفة لا تُعجب الجميع
أسلوب تيتيه المبني على الشفافية والمكاشفة لم يُرضِ كثيرًا من الأطراف الليبية. ففي إحاطة سابقة، انتقدت استمرار المؤسسات في ممارسة صلاحياتها خارج إطار الشرعية، ووصفت الوضع في ليبيا بأنه “منعطف حاسم” تتآكل فيه ثقة المواطنين بالحكم.
كما أثارت الجدل بانتقاداتها لإدارة صندوق إعادة الإعمار برئاسة بلقاسم حفتر، ما أدى إلى دعوات لطرد البعثة الأممية من البلاد. رغم ذلك، واصلت تيتيه جهودها، متجوّلة بملف الأزمة بين العواصم والمؤسسات الدولية والإقليمية، لمحاولة كبح النفوذ الخارجي الذي يعقّد الحلول الداخلية.

تراهن على المصالحة وخريطة الطريق
تيتيه ترى أن المصالحة الوطنية هي مفتاح الحل، وأن الانتخابات لا يمكن فرضها من الخارج بل يجب أن تكون نتاج توافق قانوني داخلي. ولذلك تدفع نحو مسار توافقي مدعوم من المجتمع الدولي، وخصوصًا الاتحاد الإفريقي الذي دعت في كلمتها أمام مجلس السلم والأمن إلى دعمه الكامل للجهود السياسية المقبلة.

بين الفشل والفرصة الأخيرة
المرحلة المقبلة هي الأكثر أهمية في مسيرة هانا تيتيه المهنية. فإما أن تخرج ليبيا من دوامة الانقسام عبر خارطة طريق حقيقية تُتوج بانتخابات طال انتظارها، أو تُضاف تجربة جديدة إلى سجل الإخفاق الأممي في البلاد.
وفي الوقت الذي يزداد فيه تململ الليبيين من الفترات الانتقالية، تُراهن تيتيه على أن الليبيين أنفسهم لا يزال بإمكانهم الالتقاء على أرضية مشتركة… إن توفرت الإرادة، وتم تحييد الأجندات الخارجية.