تسببت هدية قطر لترامب في حالة من الجدل، قبل أن يبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب جولته المرتقبة في الشرق الأوسط في أول زيارة خارجية له منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي،حيث أثارت أنباء عن “هدية محتملة” من قطر ضجة واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية الأميركية، تمثلت في طائرة فاخرة من طراز بوينغ 747-8، أطلق عليها البعض لقب “القصر الطائر” نظرا لفخامتها من الداخل.
وتصدرت وسائل الإعلام الأميركية تقارير مثيرة للجدل بشأن ما قيل إنها “هدية فاخرة” من الحكومة القطرية، عبارة عن طائرة فخمة من طراز بوينغ 747-8، قد تُستخدم مؤقتاً كطائرة رئاسية أميركية بديلة لطائرة “إير فورس وان” العتيقة.

هدية قطر لترامب.. أغلى هدية لحكومة أميركية من دولة أجنبية
قناة “ABC News” الأميركية كانت أول من فجّر قصة هدية قطر لترامب، حيث نقلت عن مصادر مطلعة أن الولايات المتحدة قد تكون على وشك استلام أغلى هدية في تاريخها من دولة أجنبية.
ونقلت القناة عن مصادر مطلعة أن إدارة ترامب تدرس قبول طائرة بوينغ فاخرة من العائلة الحاكمة القطرية، تُقدر قيمتها بنحو 400 مليون دولار، وتُوصف بأنها “قصر طائر” بسبب تجهيزاتها الفاخرة. وأشارت الشبكة إلى أن الطائرة ستكون متاحة لاستخدام ترامب لفترة مؤقتة، على أن تُنقل لاحقاً إلى مكتبته الرئاسية بعد مغادرته المنصب.
ووفقًا للتقرير، فإن الإعلان عن “هدية قطر لترامب” كان متوقعاً خلال زيارة ترامب إلى قطر ضمن جولته الخارجية الأولى في ولايته الثانية، والتي تشمل أيضاً السعودية والإمارات وتبدأ في 13 مايو.
قطر ترد وتنفي تقديم الطائرة كهدية
في المقابل، نفت الحكومة القطرية بشكل قاطع أن تكون الطائرة “هدية”، مؤكدة أن الأمر لا يزال قيد الدراسة، ولم يُتخذ أي قرار نهائي، وأصدر علي الأنصاري، الملحق الإعلامي بسفارة قطر في واشنطن، بيانًا أوضح فيه أن “إمكانية نقل الطائرة لاستخدامها مؤقتاً كطائرة رئاسية قيد الدراسة حالياً بين وزارة الدفاع القطرية ووزارة الدفاع الأميركية”، وأن التفاصيل القانونية لا تزال تخضع للمراجعة من قبل الجهات المختصة.
ترامب يعلق: “هدية مؤقتة شفافة.. والديمقراطيون غاضبون!”
الرئيس ترامب لم يتأخر في الرد، حيث كتب على منصة “تروث سوشيال” أن الطائرة “هدية مؤقتة” ستُستخدم لاستبدال طائرة رئاسية يبلغ عمرها 40 عامًا، واصفًا الأمر بأنه “عملية انتقال شفافة”. واتهم خصومه من الديمقراطيين بمحاولة تعطيل الصفقة وإهدار المال العام عبر الإصرار على شراء طائرة جديدة بمليارات الدولارات.

جدل قانوني.. هل تخالف الطائرة الدستور الأميركي؟
إثارة قضية هدية قطر لترامب لم تقتصر على الجانب السياسي، بل دخلت أروقة القانون والدستور، إذ حذّر بعض المراقبين من احتمال خرق بند المكافآت في الدستور الأميركي، الذي يحظر على المسؤولين الحكوميين قبول هدايا من “أي ملك أو أمير أو دولة أجنبية”.
إلا أن مصادر قانونية، نقلت عنها ABC News، أكدت أن هناك مذكرة صاغها محامو البيت الأبيض ووزارة العدل، خلصت إلى أن قبول الطائرة قانوني ما دامت ستُمنح أولاً لوزارة الدفاع، ثم تُسلم لاحقًا إلى مكتبة ترامب الرئاسية، وليس للرئيس بشكل شخصي، ما يعني أنها لا تُعد رشوة ولا تخرق القانون.
وأوضحت المذكرة القانونية، التي أعدتها المستشارة القانونية بام بوندي ومحامي ترامب ديفيد وارينغتون، أن العملية لا تتضمن مقابلًا أو خدمة متبادلة، مما يجعلها “هدية قانونية” حسب ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين.

البيت الأبيض: “التفاصيل قيد الدراسة”
وبدوره علق البيت الأبيض على ما أثارته قضية هدية قطر لترامب، حيث أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت، أن الحكومة القطرية “عرضت إهداء طائرة لوزارة الدفاع الأميركية”، وأن الأمر لا يزال قيد المراجعة القانونية. وشددت على أن لا شيء يدعو للقلق بشأن وجود مقابل قطري لهذا العرض، معتبرة أن المسألة لا تزال في مراحلها الأولية.
خلفية الطائرة.. بديل مؤقت لطائرة عمرها أربعة عقود
الجدير بالذكر أن ترامب كان قد تفقد الطائرة في فبراير الماضي، أثناء توقفها في مطار ويست بالم بيتش الدولي، وأبدى إعجابه بتجهيزاتها. وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه مشروع تحديث طائرتي الرئاسة تعثرًا، بعد تأخير شركة بوينغ في تسليم الطائرتين الجديدتين المقررتين منذ 2018، لأسباب تتعلق بتداعيات جائحة كورونا وتعثر أحد المتعهدين، مما أجّل التسليم إلى عامي 2027 و2028.
ورغم أن الطائرة القطرية المعروضة “هدية قطر لترامب” يُقال إنها مستعملة وتعود لأكثر من عشر سنوات، فإنها ما زالت تُعد من أحدث الطرازات الفاخرة، وتحتاج إلى تجهيزات أمنية واتصالية خاصة قبل اعتمادها رسميًا كطائرة رئاسية.
يبدو أن ما اعتبرته قطر “نقلًا مؤقتًا قيد الدراسة” بات اليوم على طاولة نقاش عام في واشنطن، وسط جدل سياسي وقانوني متصاعد حول ما إذا كان “القصر الطائر” يمثل هدية، صفقة، أم خطوة مؤقتة لتجاوز أزمة الطائرة الرئاسية الأميركية المتقادمة.

تفاصيل جولة ترامب في الخليج
يصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى العاصمة السعودية الرياض، غدًا الاثنين، في مستهل جولة رسمية تشمل المملكة العربية السعودية، قطر، والإمارات العربية المتحدة، وتُعدّ أول زيارة خارجية له منذ فوزه بولاية رئاسية جديدة. وتأتي الزيارة وسط توترات إقليمية ودولية متصاعدة، ما يمنحها طابعًا استثنائيًا من حيث التوقيت والأبعاد الجيوسياسية.
تحط الطائرة الرئاسية الأميركية في الرياض حاملة ترامب إلى قلب الخليج، في زيارة تُوصَف بأنها مؤشر على الأهمية المتزايدة التي توليها الإدارة الأميركية لعلاقاتها مع شركائها الخليجيين. وتسلّط الجولة الضوء على الموقع الجيوسياسي المتقدم الذي باتت تتمتع به دول الخليج، لا سيما السعودية، التي تُعد لاعبًا محوريًا في استقرار المنطقة، إضافة إلى ثقلها الاقتصادي وبرامجها الإصلاحية الطموحة.

وتتضمن أجندة ترامب خلال الزيارة ملفات شائكة، تتصدرها محادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة، في وقت لا تزال فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية تتوسع رغم الضغوط الأميركية. وتسعى واشنطن، بحسب مصادر دبلوماسية، إلى التوصل إلى هدنة فورية، وسط انقسامات واضحة بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول التعاطي مع الملف الفلسطيني والإيراني.
اقرأ أيضًا:
ترامب في الخليج.. جولة محورية تتصدرها ملفات غزة والنفط والنووي