في مشهد لا يختلف كثيرًا عن أفلام الأكشن، شهد سجن نيو أورليانز الأميركية واحدة من أكثر عمليات الهروب من السجون جرأةً وتعقيدًا، بعد أن تمكن 10 سجناء من الفرار من مركز احتجاز أبرشية أورليانز في الساعات الأولى من فجر الجمعة الماضية، في واقعة هزّت أوساط الأمن المحلي والفدرالي على حد سواء.
عملية هروب محكمة من سجن نيو أورليانز
العملية بدأت عند الساعة 12:23 بعد منتصف الليل، حين تمكّن السجناء من خلع باب زنزانة منزلقة، ثم انتقلوا إلى زنزانة مجاورة وقاموا بنزع المرحاض، كاشفين بذلك عن فتحة سرية تؤدي إلى ممر خلفي داخل المنشأة. ومن هناك، استخدم الهاربون بطانيات لتسلق سياج السجن الشائك، متجنبين الأسلاك الكهربية، قبل أن يعبروا الطريق السريع ويختفوا داخل أحد الأحياء السكنية القريبة.
ولم تُكتشف عملية الهروب من سجن نيو أورليانز إلا عند الساعة 8:30 صباحًا، خلال التعداد الروتيني، أي بعد أكثر من سبع ساعات على فرارهم.
كاميرات وثّقت لحظة الهروب
أظهرت كاميرات المراقبة لقطات مصورة للهاربين، ظهر بعضهم مرتديًا الزي البرتقالي الرسمي للمساجين، بينما ارتدى آخرون ملابس بيضاء. وتُظهر المقاطع تسلقهم للسياج المحيط بالسجن مستخدمين البطانيات للحماية من الأسلاك الشائكة، ثم انطلاقهم جريًا نحو الأحياء المجاورة.
تواطؤ داخلي قيد التحقيق وتعليق 3 موظفين عن العمل
التحقيقات الأولية لم تستبعد فرضية التواطؤ الداخلي. فقد صرّحت شريفة المقاطعة، سوزان هاتسون، بتعليق 3 موظفين في سجن نيو أورليانز عن العمل ريثما يتم التحقق من مدى تورطهم في تسهيل عملية الهروب، مؤكدة وجود “ثغرات أمنية خطيرة” في المنشأة، أبرزها أقفال معطلة في عدد من الزنازين، وهي مشكلات قالت إن إدارتها كانت تحاول معالجتها منذ فترة طويلة.
القبض على 3 و7 ما زالوا طلقاء
حتى الآن، تمكنت السلطات من القبض على 3 من الفارين، هم: كيندال مايلز (20 عامًا) بعد مطاردة في الحي الفرنسي الشهير، وروبرت مودي (21 عامًا)، ودكينان دينيس (24 عامًا)، وقد نُقلوا جميعًا بطائرة مروحية إلى منشأة إصلاحية خارج المدينة.

ويواجه المقبوض عليهم تهماً خطيرة، من بينها السطو المسلح، حيازة أسلحة بشكل غير قانوني، والشروع في الاعتداء من الدرجة الثانية، إضافة إلى عرقلة العدالة.
جهود بحث موسعة ومكافآت مالية للمُبلّغين
تشهد ولاية لويزيانا حملة تمشيط موسعة يشارك فيها عدد من الوكالات الأمنية، من بينها مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI)، الذي أعلن عن مكافأة قدرها 5 آلاف دولار لكل من يُدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على أحد الهاربين، إضافة إلى مكافأة محلية بقيمة ألفي دولار ضمن برنامج مكافحة الجريمة.
المدعية العامة للولاية، ليز موريل، عبّرت عن قلقها الشديد من الواقعة، ووصفت تأخر الإبلاغ لمدة 14 ساعة بأنه “خطأ جسيم”، مشيرة إلى أن الوقت الذي أتيح للهاربين كان كافيًا لوصولهم إلى أي مكان في البلاد. كما أطلقت تحذيرات إلى ولايات تكساس، ميسيسيبي، أركنساس، جورجيا، أوكلاهوما، وتينيسي، لاحتمال لجوء الفارين إليها.
رسائل ساخرة من خلف القضبان
وفي تطور رمزي يعكس جرأة السجناء، عثرت السلطات خلال تفتيش زنازين سجن نيو أورليانز على كتابات ورسومات على الجدران تتضمن أسماء الفارين ورسائل تهكمية تسخر من الوضع الأمني وتصف “طريق الهرب” الذي سلكوه.
ومع استمرار عمليات المطاردة، تبقى الأنظار مشدودة نحو نيو أورليانز، حيث تتقاطع دراما الواقع مع حبكة الهروب السينمائية، وسط تساؤلات لا تزال معلّقة حول مدى جاهزية المؤسسات الأمنية لدرء مثل هذه الخروقات الخطيرة.
اقرأ أيضًا:
سرقة مجوهرات بـ 20 مليون دولار من قلب لوس أنجلوس.. تفاصيل عملية سطو أشبه بأفلام هوليوود