في معركة متواصلة ضد السمنة ومرض السكر، يلجأ الملايين حول العالم إلى المشروبات الغازية “الدايت” بحثًا عن بديل “آمن” يخلو من السكر والسعرات، ويُرضي في الوقت نفسه الرغبة في المذاق الحلو.
لكن مع تزايد الدراسات الطبية وتوسع التجارب السريرية، بدأ يتضح أن هذه البدائل قد لا تكون بالبراءة التي تبدو عليها.
أولًا: ما هي المشروبات الغازية “الدايت”
هي مشروبات غازية خالية من السكر العادي، تعتمد على محليات صناعية أو محليات طبيعية منخفضة السعرات، أبرزها:
- الأسبارتام (Aspartame)
- السكرالوز (Sucralose)
- أسيسلفام بوتاسيوم (Ace-K)
- ستيفيا (Stevia) – في بعض المنتجات “الدايت الطبيعية”
تهدف هذه المحليات لتوفير طعم السكّر، دون السعرات الحرارية، وبالتالي فهي موجهة بالأساس لـ:
- الأشخاص الراغبين في خسارة الوزن
- مرضى السكري
- متبعي الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات
هل هي فعّالة في إنقاص الوزن
نعم… نظريًا.
لكن في الواقع، النتائج معقدة.
- تشير دراسة نشرتها مجلة Nature إلى أن استهلاك المحليات الصناعية بانتظام قد يؤدي إلى زيادة الشهية للطعام عالي السعرات لاحقًا، ما يُقلل من جدوى المشروبات “الدايت” على المدى البعيد.
- دراسة أخرى وجدت أن من يشربون المشروبات الغازية الدايت يوميًا كانوا أكثر عرضة لزيادة الوزن ومحيط الخصر، مقارنة بمن يشربونها نادرًا.
السبب؟ الدماغ يتلقى إشارات بـ”المذاق الحلو”، لكنه لا يحصل على السعرات، ما يُحدث فوضى في تنظيم الشهية.
الآثار الصحية المحتملة للمشروبات الغازية “الدايت”
اضطرابات الأنسولين والسكري
- المذاق الحلو بدون طاقة قد يربك البنكرياس ويضعف استجابة الجسم الطبيعية للأنسولين، خاصة مع الاستهلاك المزمن.
اضطراب ميكروبيوم الأمعاء
- أظهرت دراسة إسرائيلية نُشرت في Cell أن المحليات الصناعية مثل السكرالوز والأسبارتام تغير تركيبة البكتيريا النافعة في الأمعاء، ما قد يؤدي إلى مشاكل هضمية، وتدهور في المناعة.
تأثيرات عصبية ونفسية
- بحسب دراسة في Journal of Neuroscience، الاستهلاك المنتظم لمحليات صناعية يؤثر على نظام “المكافأة” في الدماغ، ويرتبط بزيادة احتمالات الإدمان على الطعام أو التوتر.
علاقة محتملة بأمراض القلب والكلى
- دراسة منشورة في Circulation (2019) وجدت ارتباطًا إحصائيًا بين الإفراط في استهلاك المشروبات الدايت وزيادة خطر السكتات الدماغية وأمراض الكلى، خصوصًا بين النساء فوق سن 50 عامًا.
ماذا تقول الهيئات العالمية
- منظمة الصحة العالمية (WHO):
في عام 2023، حذرت من استخدام المحليات غير السكرية كوسيلة لتقليل الوزن على المدى الطويل.
- FDA الأمريكية:
توافق على استخدام الأسبارتام والسكرالوز ضمن حدود محددة، لكنها توصي بالاستهلاك “المعتدل”.
- جمعية القلب الأميركية (AHA):
لا تنصح باستخدام المحليات الصناعية كوسيلة أساسية للرجيم، وتدعو إلى التحول للمياه والشاي غير المحلى بدلاً منها.
البدائل الصحية للمشروبات الغازية
إذا كنت تسعى للتقليل من السكر دون الدخول في دوامة “الدايت”، فكر في الخيارات التالية:
- ماء فوار طبيعي مع شرائح فاكهة أو ليمون
- شاي أخضر مثلج أو أعشاب بدون سكر
- عصائر طازجة مخففة بالماء
- شاي مثلج منزلي بالنعناع أو الزنجبيل
- مشروب الكومبوتشا (مخمّر طبيعي)
- وفي االنهاية لا يمكن اعتبار المشروبات الدايت “آمنة تمامًا” أو “خالية من العواقب”، خاصة عند استهلاكها يوميًا.بل الاعتدال، وتبديل العادات تدريجيًا، هو الخيار الأفضل.
وكما تقول الدكتورة مارجريت ريد، أستاذة التغذية في جامعة نيويورك:
“التحرر من السكر لا يعني أن نقع في فخ المحليات. الماء يظل هو البطل المنسي في معركة الصحة.”
تابع ايضًا…دراسة: كوب من القهوة يحميك من الإصابة بالإمساك 5 مرات