كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أن العلاقات بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والقائد العسكري السابق فاليري زالوجني تشهد توتراً متصاعداً، في وقت حساس يتزامن مع استمرار الحرب ضد روسيا. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الخلافات، التي بدأت قبل الغزو الروسي، قد تتحول إلى معركة سياسية مفتوحة حال عودة الحياة الديمقراطية إلى أوكرانيا.
أزمة الاتصالات في لندن
وبحسب التقرير، فإن السفارة الأوكرانية في لندن شهدت نشاطاً غير مسبوق بعد ثلاثة أيام من المواجهة الحادة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزيلينسكي في البيت الأبيض. فقد رفض السفير الأوكراني في لندن، فاليري زالوجني، الذي يشغل منصبه الحالي بعد إقالته من قيادة الجيش، استقبال مكالمات من نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس، وذلك بعد التشاور مع مكتب زيلينسكي.

وأوضحت الصحيفة أن فانس لعب دوراً محورياً في تفجير المواجهة داخل المكتب البيضاوي، وكان إلى جانب مجموعة من المقربين من ترامب يبحثون عن بدائل محتملة للرئيس الأوكراني الحالي.
زالوجني بين الولاء والصمت السياسي
رغم الضغوط السياسية، لم يبدِ زالوجني أي نية للدخول العلني في مواجهة مع زيلينسكي. فقد أكد في أكثر من مناسبة التزامه بالولاء للرئيس، متعهداً بعدم انتقاده علناً ما دامت الحرب مستمرة. وأبلغ رئيس مكتب الرئيس، أندريه يرماك، قائلاً: “إذا قررت دخول المعترك السياسي، فستكون أول من يسمع بذلك، وعلى انفراد”.
ورغم هذا الموقف، يرى محللون أن زالوجني يتبع استراتيجية الانتظار، وقد يعلن عن طموحاته السياسية فقط في اللحظة الأخيرة، قبيل أي انتخابات مرتقبة.
جذور الخلاف بين زيلينسكي وزالوجنى
تعود بداية التباين بين الرجلين إلى الفترة التي سبقت الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا. ففي حين كان زالوجني يحذر من حشود القوات الروسية ويطالب بفرض الأحكام العرفية، كان زيلينسكي يخشى من إثارة الذعر بين المواطنين، وفضّل إجراءات أقل حدة.
ومع اندلاع الحرب، اكتسب كل منهما موقعاً مختلفاً في المشهد الأوكراني:
زيلينسكي أصبح رمزاً دولياً للصمود والدبلوماسية الفعالة.
زالوجني برز داخلياً كبطل عسكري نجح في التصدي للموجة الأولى من الهجوم الروسي.
لكن مع مرور الوقت، ازدادت الخلافات بينهما في الاجتماعات الإستراتيجية، وارتفع قلق الدائرة المقربة من زيلينسكي بشأن الشعبية المتنامية لزالوجني، ما دفع في النهاية إلى إقالته وتعيينه سفيراً في لندن.
محاولات واشنطن للتأثير على المشهد
الأزمة لم تقتصر على الداخل الأوكراني، بل امتدت إلى علاقات كييف مع واشنطن. فبعد اللقاء المثير للجدل بين ترامب وزيلينسكي، بدأت دوائر أميركية مقربة من ترامب في مناقشة علنية لإمكانية استبدال الرئيس الأوكراني. حتى أن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام صرح قائلاً: “لا أعرف إن كان بإمكاننا العمل مع زيلينسكي مرة أخرى”.
في تلك الأثناء، حاول مكتب فانس التواصل مع زالوجني، غير أن الأخير رفض الانجرار إلى معسكر ترامب، وأكد اصطفافه خلف رئيسه الشرعي، حيث ظهر لاحقاً إلى جانبه في لندن في صورة مشتركة وهو يعلن: “الطريق أمامنا لن يكون سهلاً، لكننا معاً سنتجاوز التحديات”.
اقرأ أيضًا:
أوكرانيا تقر بتوغل الجيش الروسي في دنيبروبيتروفسك وسط البلاد
التوقعات السياسية
على الرغم من تكتمه على نواياه السياسية، يعتقد كثيرون أن زالوجني يترقب اللحظة المناسبة لخوض غمار المنافسة الانتخابية. وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه قد يكون المرشح الوحيد القادر على تهديد فرص زيلينسكي في البقاء في السلطة، إذا ما أجريت انتخابات بعد انتهاء الحرب.

المشهد الراهن ومستقبل العلاقة
مؤخراً، حضر زالوجني قمة للسفراء الأوكرانيين في كييف، تزامنت مع احتجاجات شعبية ضد خطط حكومية مثيرة للجدل. ورغم توقعات بعض المراقبين بإعلانه القطيعة مع زيلينسكي، فضّل الصمت مجدداً، ما أثار المزيد من التساؤلات حول نواياه الحقيقية.
وفي تعليق رسمي، قال ميخايلو بودولياك، مستشار الرئيس الأوكراني: “زالوجني جزء من الفريق، كسفير في دولة مهمة. في الوقت الحالي، لا توجد عملية سياسية حقيقية”.
رغم الحرب المستمرة، تترقب الساحة الأوكرانية ما إذا كان التوتر بين زيلينسكي وزالوجني سيظل محصوراً في الكواليس، أم سيتحول إلى منافسة علنية قد تعيد تشكيل الخريطة السياسية في أوكرانيا. وبينما يتمسك الرئيس برمزيته الدولية، يبني القائد العسكري السابق رصيده الشعبي بهدوء، في انتظار اللحظة المناسبة.