في خطوة غير مسبوقة أثارت جدلاً داخلياً وخارجياً، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يقضي بإعادة تسمية وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لتصبح “وزارة الحرب”، في استعادة مباشرة للاسم التاريخي الذي حملته المؤسسة العسكرية الأميركية بين عامي 1789 و1947.
خلفيات القرار وتفسيراته
يرى محللون أن هذه الخطوة تحمل طابعاً رمزياً أكثر منه عملياً، إذ تهدف إلى إبراز الدور القتالي الحقيقي للوزارة بعيداً عن المصطلحات المخففة مثل “الدفاع”. ومع ذلك، يبقى الكونغرس الأميركي صاحب القرار النهائي في أي تغيير رسمي ودائم للاسم، وهو ما يعني أن الخطوة الحالية تظل محدودة التأثير القانوني.

وبالفعل، سارعت الوزارة إلى تغيير اسمها على موقعها الإلكتروني الرسمي، لتصبح “وزارة الحرب”، مما أعطى القرار زخماً إعلامياً ودبلوماسياً واسعاً.
مواقف الصحف الأميركية
واشنطن بوست: دعمت القرار عبر افتتاحية نادرة، معتبرة أن تسمية “وزارة الحرب” قد تدفع نحو نقاش جاد حول الدور الحقيقي للبنتاغون، خاصة وأن الكونغرس لم يعلن حرباً رسمياً منذ الحرب العالمية الثانية، رغم انخراط القوات الأميركية في صراعات عديدة حول العالم.
نيويورك تايمز: قدّمت خلفية تاريخية موسعة، مشيرة إلى أن وزارة الحرب تأسست عام 1789 بقرار من جورج واشنطن، واستمرت حتى عام 1947 حين غيّر الرئيس هاري ترومان الاسم إلى “وزارة الدفاع” بموجب “قانون الأمن القومي”، تزامناً مع بداية الحرب الباردة.
غارديان البريطانية: وصفت الخطوة بأنها متناقضة مع تصريحات ترامب المتكررة بكونه “رئيساً مناهضاً للحروب”، لكنها أوضحت أن القرار التنفيذي يمنحه سلطة مؤقتة لا ترقى إلى تغيير رسمي إلا بموافقة الكونغرس.
الجدل السياسي والأمني
أثار القرار تساؤلات حول تداعياته الداخلية، خاصة مع الدور المتزايد لقوات الحرس الوطني في حفظ الأمن داخل المدن الأميركية. إذ اعتبر محللون أن وصف الوزارة بـ”الحرب” قد يعزز المعارضة لاستخدام القوات المسلحة في قضايا داخلية، ويذكّر المواطنين بأنهم يتعاملون مع “جنود” لا مع “شرطة”.
في المقابل، يرى مؤيدو القرار أنه يرسخ الواقعية السياسية ويعكس بصدق الدور العالمي للبنتاغون في حماية مصالح الولايات المتحدة عبر القوة العسكرية، معتبرين أن الاسم الجديد يمثل “انتصارات أميركية” ويضع النقاش حول استخدام القوة المسلحة في سياقه الحقيقي.
اقرأ أيضًا:
فوضى قرارات الأيام الأخيرة في ولاية جو بايدن تثير جدلاً واسعاً وتحقيقات بالكونغرس
الانعكاسات التاريخية والدستورية
يشير المؤرخ ريتشارد كوهين من جامعة نورث كارولينا إلى أن تغيير الاسم عام 1949 إلى “وزارة الدفاع” كان رسالة موجهة للعالم بأن الولايات المتحدة لا تسعى لصناعة الحروب بل لحماية أمنها القومي. أما إعادة إحياء اسم “وزارة الحرب” فقد يغير من صورة واشنطن في الخارج، خصوصاً لدى منافسيها.
كما يبقى القرار مرهوناً بالنقاش داخل الكونغرس، حيث قدم نواب جمهوريون مشروع قانون لتثبيت التسمية الجديدة، وهو ما قد يفتح الباب أمام سجالات سياسية حادة بين الجمهوريين والديمقراطيين خلال المرحلة المقبلة.
سواء اعتُبر الأمر التنفيذي خطوة رمزية أم بداية لتحول مؤسسي، فإن إعادة اسم “وزارة الحرب” يضع إستراتيجية البنتاغون ودور الجيش الأميركي في الداخل والخارج تحت الضوء. وبينما يرى ترامب أن العودة إلى التسمية الأصلية تعكس الانتصارات العسكرية الأميركية بشكل أفضل، يصرّ معارضوه على أن هذه الخطوة تحمل دلالات عدوانية قد تضر بصورة الولايات المتحدة على الساحة الدولية.