في محاضرة استغرقت 27 دقيقة فقط، استطاع فيدي غولدنبرغ، رئيس شراكات التلفزيون والأفلام في «يوتيوب»، أن يوضح بجلاء كيف باتت المنصة تسيطر على مستقبل مشاهدة الفيديو وصناعة المحتوى، ليس فقط بوصفها منصة رقمية، بل كبديل صريح للتلفزيون التقليدي.
غولدنبرغ قدم عرضه بعنوان «يوتيوب هو التلفزيون الجديد» خلال مؤتمر «StreamTV» الذي انعقد في مدينة دنفر الأمريكية الشهر الماضي، في رسالة واضحة: «المقاومة لا طائل منها».

هيمنة رقمية بالأرقام: «يوتيوب» يتفوق على نتفليكس
استعرض غولدنبرغ مجموعة من البيانات التي تؤكد تصدّر «يوتيوب» مشهد المشاهدة الرقمية:
-
12.4٪ من وقت مشاهدة التلفزيون اليومي في الولايات المتحدة بات من نصيب «يوتيوب»، متجاوزاً «نتفليكس» التي تبلغ حصتها 7.5٪ فقط.
-
نحو ملياري مستخدم يسجلون الدخول إلى «يوتيوب» شهرياً، ويشاهدون أكثر من ملياري ساعة فيديو يومياً.
-
مليار ساعة من هذه المشاهدات تتم يومياً على أجهزة التلفزيون.
شباب وبودكاست: جمهور يوتيوب الأهم
تصل منصة «يوتيوب» إلى 92٪ من الشباب الأمريكيين بين 18 و34 عاماً، كما تجاوزت المنصة منافسيها في سوق البودكاست، حيث باتت تستحوذ على 33٪ من نسبة الاستماع، مقارنة بـ27٪ لـ«سبوتيفاي» و15٪ لـ«أبل بودكاست».
قال غولدنبرغ: “شركة عمرها 20 عاماً فقط غيّرت وجه الإعلام بالكامل.”
شركات الإعلام تغيّر استراتيجيتها
تحت ضغط النجاح الساحق لـ«يوتيوب»، أعادت كبرى شركات الإعلام تقييم وجودها على المنصة، وانتقلت من استخدامها كقناة تسويقية إلى مصدر رئيسي لنشر محتواها القديم والجديد.
من أبرز الأمثلة:
-
«وارنر براذرز» تطرح حلقات كاملة من “فريندز” و”جوي”.
-
«ناشيونال جيوغرافيك» تقدم بثوصاً طويلة ومحتوى أصلي.
-
«NBC يونيفرسال» أطلقت علامات تجارية مثل «كوميدي بايتس» و«فاميلي فليكس».
محتوى أصلي لمنصة يوتيوب أولاً
اتجهت بعض الشبكات لإنتاج محتوى يُعرض حصرياً على «يوتيوب» قبل أي منصة أخرى.
مثال ذلك:
-
«نيكلوديون» أطلقت برنامج الأطفال «كيد كاوبوي».
-
«إنديمول شاين برازيل» قدّمت نسخة يوتيوب من «ماستر شيف».
قال غولدنبرغ: “نتوقع أن يُنتَج المزيد من المحتوى الأصلي ليوتيوب أولاً، ثم يُعاد توجيهه إلى التلفزيون لاحقاً.”
منشئو المحتوى يبنون “هوليوود جديدة”
مع اتساع نفوذ يوتيوب، بدأ منشئو المحتوى الأصغر حجماً يتحوّلون إلى كيانات إنتاجية ضخمة:
-
«دار مان» يدير استوديوهات بمساحة 9300 متر مربع.
-
«آلان تشيكين تشاو» افتتح استوديو في لوس أنجليس.
-
«دود بيرفكت» جمعت أكثر من 100 مليون دولار من الاستثمارات.
ووصف غولدنبرغ هؤلاء بأنهم يمثلون “هوليوود الجديدة”، حيث تُنتج العلامات والمحتوى معاً، تماماً كما فعلت ديزني في خمسينات القرن الماضي.
اقرأ أيضًا
Genspark تطلق أول محرر مستندات ذكي بالكامل: تجربة كتابة مدعومة بالذكاء الاصطناعي
نحو جوائز الإيمي: صعود مكانة منشئي يوتيوب
«يوتيوب» يسعى لمنح منشئيه شرعية “هوليوودية” حقيقية، من خلال الضغط لترشيحهم لجوائز مثل «إيمي».
من أبرز الأسماء المرشحة:
-
شون إيفانز من برنامج «Hot Ones»
-
ريت ولينك من «Good Mythical Morning»
-
ميشيل كاري من «Challenge Accepted»
عيوب البث المدفوع تدفع الجمهور نحو يوتيوب
في مقابل ازدهار «يوتيوب»، تعاني خدمات البث المدفوعة من:
-
إزالة محتوى من قوائمها
-
تقييد مشاركة الحسابات
-
فرض رسوم إضافية مقابل الجودة
-
عرض إعلانات متزايدة رغم الاشتراكات
500 ساعة محتوى كل دقيقة.. ولكن بثمن
«يوتيوب» يُضيف 500 ساعة من الفيديو كل دقيقة، ليصبح بمثابة أرشيف لا نهائي للمحتوى، لكن، هذا التوسع ليس دون تكلفة؛ إذ يُجبر منشئو المحتوى على التكيف مع خوارزميات غير مستقرة، ويعاني المشاهدون من الإعلانات الكثيفة وارتفاع الأسعار لتفاديها.
يوتيوب.. احتكار غير خاضع لسيطرة المبدعين أو المشاهدين
رغم الانتشار الواسع، يحذّر بعض الخبراء من احتكار المنصة، قال آلان وولك، كبير المحللين في TVRev: “يوتيوب يضع جميع القواعد، إذا خالفتها، تخرج من اللعبة، هو احتكار بلا بدائل حقيقية.”
ورغم محاولاته تقديم نفسه كإمبراطورية جديدة في عالم الإعلام، يرى البعض أن مصيره قد يكون مشابهاً لـ«القسطنطينية» بعد سقوط روما: استمرارية بلا تأثير حاسم.