أعلن نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس أن الولايات المتحدة سترسل 200 جندي إلى إسرائيل للمشاركة في مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكداً أن دورهم سيكون “غير قتالي”، وأن الهدف هو ضمان استدامة السلام بعد حرب استمرت عامين.
دي فانس: مهمة مراقبة وليست قتالية
وقال فانس، في تصريحات نقلتها وكالة “فرانس برس” الأحد، إنّ القوات الأميركية ستتوجه إلى إسرائيل “لمراقبة وقف إطلاق النار في غزة دون المشاركة في أي مهام قتالية”.
وأوضح أن دور الجنود يهدف إلى “التأكد من تموضع القوات الإسرائيلية على خطوط التماس المناسبة، ومنع أي هجمات قد تشنها حماس ضد المدنيين الإسرائيليين”.
وأضاف: “هؤلاء الجنود سيبذلون كل ما في وسعهم لضمان أن السلام الذي تحقق سيكون مستداماً. ويتطلب ذلك ضغطاً مستمراً من الإدارة الأميركية لتأمين الاستقرار في غزة بعد حرب مدمّرة استمرت عامين.”
وشدد نائب الرئيس الأميركي على أن إدارة دونالد ترامب ستواصل الضغط السياسي والعسكري لضمان تطبيق بنود اتفاق غزة بالكامل، معتبراً أن “واشنطن تتحمل مسؤولية الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط”.
تفاصيل اتفاق غزة وتبادل الأسرى
وبموجب الاتفاق الذي أُعلن الخميس الماضي، ستُطلق حركة حماس سراح 48 رهينة لا يزالون في غزة — بين أحياء وأموات — ممن اختطفوا خلال هجوم أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفي المقابل، ستفرج إسرائيل عن 250 معتقلاً أمنياً، بينهم عدد من المحكومين بالسجن المؤبد، إضافة إلى 1700 فلسطيني من سكان غزة اعتُقلوا منذ اندلاع الحرب.
ويُعد هذا الاتفاق أحد أبرز نتائج قمة شرم الشيخ للسلام، التي جمعت قادة أكثر من 20 دولة، بقيادة مصر والولايات المتحدة، تمهيداً لإنهاء الحرب التي دخلت عامها الثاني.

مركز التنسيق المدني – العسكري (CMCC)
وكشفت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) عن إنشاء مركز تنسيق مدني–عسكري (CMCC) في إسرائيل، لتنسيق الأنشطة المتعلقة بمراقبة الاتفاق ودعم الاستقرار الإنساني واللوجيستي في غزة بعد الحرب.
وقال قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال براد كوبر في بيان رسمي: “عدنا من زيارة إلى غزة للاطلاع على التقدم في إنشاء مركز التنسيق المدني–العسكري بقيادة القيادة المركزية الأميركية، والذي سيعمل على تنسيق الجهود لدعم الاستقرار بعد انتهاء النزاع.”
وأوضح كوبر أن هذه المهمة لن تتضمن وجود قوات أميركية داخل قطاع غزة، مؤكداً أن القوات ستعمل “من الأراضي الإسرائيلية” في إطار آلية مراقبة دولية جديدة بإشراف واشنطن.
وأشار إلى أن “أبناء وبنات الجيش الأميركي يلبّون نداء السلام في الشرق الأوسط دعماً لتوجيهات القائد الأعلى للقوات المسلحة (الرئيس ترامب) في هذه اللحظة التاريخية”.
محاكاة تجربة لبنان في مراقبة الهدنة
وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن الخطوة الأميركية تذكّر بتجربة مشابهة في لبنان بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، حين أُنشئت قيادة أميركية في بيروت لمتابعة تنفيذ الاتفاق.
وأضافت أن “الولايات المتحدة هذه المرة ستقود الآلية التي تراقب تنفيذ اتفاق غزة، وتوفد جنوداً وضباطاً لتنسيق التحركات بين إسرائيل وحماس، لكن من داخل إسرائيل وليس من القطاع نفسه.”
وأكدت الإذاعة أن الجيش الأميركي يشارك حالياً في مراقبة اتفاقي وقف إطلاق النار في ساحتين مركزيتين: غزة ولبنان، مما يعزز الدور الأميركي المباشر في تثبيت الأمن الإقليمي.
دور الجنود الأميركيين في إسرائيل
وبحسب مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية، فإن الجنود الـ200 سيعملون ضمن فريق متعدد الجنسيات يضم ممثلين من دول شريكة ومنظمات إنسانية، وسيتولون مهام النقل، والتخطيط، والأمن، والهندسة، واللوجستيات.
وقال أحد المسؤولين إن القوات بدأت بالفعل بالوصول إلى إسرائيل نهاية الأسبوع، ومن المقرر أن تواصل الانتشار خلال الأيام المقبلة “لبدء التخطيط وإنشاء المركز”.
وأوضح أن هذه القوة ستساعد أيضاً في تنظيم تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة وتسهيل إعادة الإعمار، بالتعاون مع الجهات الدولية.
في حين أشار مسؤول آخر إلى أن مهمة المركز ستشمل “مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، والإشراف على عملية الانتقال إلى حكومة مدنية في غزة”.
اقرأ أيضًا:
شرم الشيخ تجمع العالم.. 4 دول ضامنة لتنفيذ الاتفاق وأكثر من 20 زعيمًا يحضرون القمة
زيارة أميركية إسرائيلية مشتركة
وزار المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، موقعاً عسكرياً تابعاً للجيش الإسرائيلي داخل غزة، بحسب ما أفادت شبكة “فوكس نيوز”.
وقالت الشبكة إن الزيارة هدفت إلى “التحقق من استكمال الانسحاب الإسرائيلي المتفق عليه ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق مع حماس”.
وأكد كوبر في ختام الزيارة أن “الجهود الجارية تهدف إلى ضمان تطبيق بنود الاتفاق بدقة، وتحقيق استقرار طويل الأمد في القطاع”.

مراقبة أميركية ودعم سياسي مستمر
ويرى مراقبون أن نشر قوات أميركية في إسرائيل لمتابعة اتفاق غزة يمثل تحوّلاً في طبيعة الدور الأميركي في الشرق الأوسط، من الوساطة الدبلوماسية إلى المشاركة التقنية الميدانية في مراقبة تنفيذ اتفاقات السلام.
كما يعكس ذلك رغبة واشنطن في تثبيت إنجاز اتفاق شرم الشيخ الذي أُبرم برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي وُصف بأنه “الفرصة الأخيرة” لسلام دائم في غزة.