عصر الانتباه.. في زمن تسوده الشاشات والتنبيهات المتواصلة، باتت مهمة قراءة كتاب أو إنهاء عمل دون مقاطعة أمرًا صعبًا بالنسبة للكثيرين، وإذا وجدت نفسك تنتقل تلقائيًا إلى هاتفك كلما شعرت بالملل أو التوتر، فأنت لست وحدك في هذه المعاناة اليومية.

انحدار مثير للقلق في متوسط الانتباه
بحسب دراسة طويلة المدى نُشرت على موقع MedicalXpress، انخفض متوسط مدة التركيز أمام شاشة واحدة إلى 47 ثانية فقط، بعد أن كانت 2.5 دقيقة في عام 2004، ويُعزى هذا التراجع الحاد إلى مجموعة من العوامل، أبرزها التعرض المستمر للمعلومات، الضغوط النفسية اليومية، والإفراط في استخدام الأجهزة الذكية.
الدماغ لم يُبرمج على هذا الكم من التنبيهات
تُفسّر الأبحاث هذه الظاهرة بخصائص تطورية مرتبطة بعمل الدماغ البشري، فالدماغ مبرمج على الاستجابة للتغيرات السريعة في البيئة كآلية دفاعية، لكن في العصر الرقمي، أصبحت هذه التغيرات تأتي من إشعارات الهاتف، وتحديثات وسائل التواصل، وسيل الأخبار المتواصل، ما يُبقي العقل في حالة انتباه مستنزف وتشتت دائم.
كورونا وتضخم وقت الشاشة
لم يقتصر الأمر على التكنولوجيا فقط؛ فقد زادت جائحة كورونا من تفاقم المشكلة عبر تغييرات جذرية في أنماط الحياة، وتضاعفت ساعات الجلوس أمام الشاشات، مما ساهم في تشوش الإحساس بالزمن وتراجع القدرة على التركيز والانتباه بشكل عام.
اقرأ أيضًا
طبيب من جامعة هارفارد يوصي بمشروبات طبيعية لتقليل خطر السرطان
استعادة التركيز ليست مستحيلة
رغم هذا الواقع المقلق، يؤكد الدكتور مايكل زيفرا، الطبيب النفسي في مركز “نورث وسترن” الطبي، أن استعادة القدرة على التركيز ممكنة عبر خطوات بسيطة، ويقول إن عددًا من مرضاه الذين شعروا بالعجز حيال هذا التشتت، نجحوا في تحسين حالتهم عبر تغييرات سلوكية محددة.
استراتيجيات فعالة لتعزيز الانتباه والتركيز
يقدّم الخبراء مجموعة من الطرق العملية التي تساعد على تدريب العقل وتخفيف التشتت:
أخذ فترات راحة نشطة
بدلًا من الانغماس في تصفح الهاتف خلال الاستراحات، حاول المشي، تحضير وجبة خفيفة، أو الحديث مع شخص مقرّب، هذه الأنشطة تساعد الدماغ على إعادة ضبط تركيزه، أيضًا، يُنصح بإغلاق الإشعارات غير الضرورية، وتفعيل وضع “عدم الإزعاج”، خصوصًا أثناء النوم.
الوقوف عن أداء المهام المتعددة
القيام بعدة مهام في الوقت نفسه يقلل جودة الأداء ويزيد من الإرهاق الذهني، من الأفضل التركيز على مهمة واحدة بوقت محدد، ثم أخذ استراحة قصيرة قبل الانتقال إلى مهمة أخرى.
اربط ما تفعله بهدف واضح
سواء كنت تتعلم مهارة جديدة أو تمارس رياضة، فإن وجود نية واضحة وهدف شخصي يساعد على تعزيز الشعور بالمعنى والتركيز، بدأ بما يُثير شغفك، لا بما تظن أنه “الأكثر فائدة”، واسمح لنفسك بخطوات تدريجية ولحظات من الهدوء.
لا تقسى على نفسك
استعادة التركيز تحتاج إلى وقت وتدريب، ولا بأس إن كان هناك أيام مليئة بالإنجاز وأخرى أقل إنتاجية، المفتاح هو الاستمرارية والتحلي باللطف تجاه الذات، ففي عالم مزدحم بالمشتتات، تدريب العقل على الحضور الذهني هو مهارة تستحق العناية.