أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025، عن المصادقة رسميًا على قانون جديد يقضي بـتعليق جميع أشكال التعاون بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، وذلك في خطوة تصعيدية غير مسبوقة منذ سنوات تجاه المجتمع الدولي، على خلفية ما وصفته طهران بـ”الاعتداءات المتكررة على السيادة الوطنية”.

قانون “تعليق التعاون النووي”
وجاءت هذه الخطوة استجابة لتطورات أمنية خطيرة، تمثّلت في الهجمات العسكرية التي شنتها كل من الولايات المتحدة الأمريكية و”الكيان الصهيوني” على منشآت نووية إيرانية، خلال الأسابيع الأخيرة، والتي اعتبرتها القيادة الإيرانية بمثابة انتهاك مباشر للسيادة الوطنية وتعدٍ على الأمن القومي الإيراني.
البرلمان يقر القانون بـ”أولوية مزدوجة”
كانت الخطوة التشريعية قد بدأت من داخل مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان الإيراني)، حيث قدّم عدد من النواب مشروع قانون بعنوان: “تعليق التعاون بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والوكالة الدولية للطاقة الذرية”، وقد تمت الموافقة على المشروع بصورة عاجلة، تحت بند “الأولوية المزدوجة”، في إشارة إلى طابع الاستعجال والخطورة المرتبطة بالوضع الراهن.
وتنص المادة الوحيدة من القانون على إلزام الحكومة باتخاذ إجراءات فورية لتعليق التعاون النووي الفني والتفتيشي، وذلك بموجب ما تتيحه المادة 60 من اتفاقية فيينا لعام 1969، بشأن المعاهدات الدولية، والتي تجيز لأي دولة تعليق التزاماتها تجاه اتفاقية دولية في حال تعرّضها لانتهاك جسيم من أطراف أخرى.
شروط صارمة لاستئناف التعاون
بحسب نص القانون الذي تم نشره عبر وكالة “تسنيم” الإيرانية، فإن القرار الإيراني لا يعني انسحابًا نهائيًا من معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)، لكنه يفرض تعليقًا كاملًا للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى حين تحقق عدد من الشروط الرئيسية، من أبرزها:
-
ضمان أمن المنشآت النووية الإيرانية من أي اعتداءات مستقبلية.
-
حماية العلماء والخبراء النوويين الإيرانيين من محاولات الاستهداف أو الاغتيال.
-
الكف عن خرق السيادة الوطنية لإيران تحت أي مبرر.
ويُلزم القانون الحكومة الإيرانية، برئاسة مسعود بزشكيان، بتنفيذ هذا التعليق دون تأخير، على أن تتابع وزارة الخارجية والهيئة النووية الإيرانية الإجراءات اللازمة في هذا الشأن.
مصادقة قانونية كاملة وتبليغ رسمي
وفقًا للمسار الدستوري في إيران، فقد تم اعتماد القانون من قبل مجلس صيانة الدستور، الذي لم يسجل أي اعتراض عليه من ناحية توافقه مع الشريعة الإسلامية والدستور الإيراني، وبعد المصادقة، قام رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف بإبلاغ رئيس الجمهورية، الذي بدوره فعّل القانون رسميًا اليوم، بعد استكمال جميع الإجراءات القانونية والإدارية المطلوبة.
اقرأ أيضًا
روسيا والصين تعززان الربط اللوجستي عبر قناة نقل مائي مشترك
ردود فعل متوقعة وتداعيات إقليمية
يُتوقع أن يثير هذا القرار ردود فعل واسعة من المجتمع الدولي، خاصة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول الأوروبية، التي كانت تسعى لاستئناف المفاوضات النووية المتعثرة منذ عام 2022، وقد ترى أطراف غربية في الخطوة الإيرانية مؤشرًا على تصعيد خطير في ملف تخصيب اليورانيوم، وربما تمهيدًا لتسريع الأنشطة النووية خارج نطاق الرقابة الدولية.
في المقابل، قد تُواجه إيران عقوبات جديدة أو تحركات دبلوماسية في مجلس الأمن الدولي، فيما يتوقع مراقبون أن تؤدي هذه التطورات إلى مزيد من التوتر في منطقة الشرق الأوسط، في ظل التصعيد المستمر بين طهران وتل أبيب، والانخراط الأمريكي المباشر في النزاع.
تصعيد غير مسبوق في الملف النووي
تأتي هذه التطورات في وقت حساس تشهده المنطقة، لا سيما بعد تقارير استخباراتية أفادت بوقوع هجمات سيبرانية وتفجيرات داخل منشآت نووية إيرانية، نُسبت إلى إسرائيل وأمريكا، وأخرى استهدفت شخصيات بارزة في المشروع النووي الإيراني، وترى طهران أن هذه الاعتداءات تمثل انتهاكًا واضحًا للمعاهدات الدولية، ما دفعها لتفعيل أدوات الرد السياسي والقانوني عبر هذا القانون.