في مشهد بات مألوفًا لكنه أكثر احتقانًا من ذي قبل، خرجت صرخات الغضب من قلب تل أبيب، حيث اجتمعت عائلات الأسرى الإسرائيليين لتحمّل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية مباشرة عن مصير أبنائهم المحتجزين في غزة.
هذه المرة، لم تكن الكلمات دبلوماسية، بل حادة كالسكاكين: “حكومة نتنياهو ليست حكومة إنقاذ.. إنها حكومة موت”، وقالت إحدى الأمهات خلال وقفة احتجاجية غاضبة “إذا قررتم احتلال غزة وقتل أبنائنا هناك، سنطاردكم في كل مكان.”
تلك التصريحات الصادمة جاءت وسط تصاعد الغضب الشعبي، مع تزايد القناعة لدى شريحة واسعة من الإسرائيليين بأن الحكومة الحالية تضع مصالحها السياسية فوق كل اعتبار، حتى فوق حياة الأسرى.
وطالبت العائلات وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، والعضو اليميني في الكابينت الحربي يتسحاق يتنئيل (ويُعرف بويتكوف)، بتقديم خطة واضحة لوقف الحرب وضمان عودة الرهائن، معتبرين أن استمرار العمليات العسكرية “تهديد مباشر لأرواح أبنائهم”.

أولمرت يفتح النار على نتنياهو: “هذه الحرب غير شرعية”
وفي خضم هذا الغضب الداخلي، جاءت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت لتضيف مزيدًا من الضغط على نتنياهو. ففي مقابلة حصرية مع صحيفة “إندبندنت عربية”، قال أولمرت بوضوح: “استمرار الحرب على غزة لم يعد له شرعية، وما يحدث الآن كارثة تاريخية.”
أولمرت، الذي شغل منصب رئيس الوزراء بين 2006 و2009، لم يتوانَ عن انتقاد الخطط الحكومية للسيطرة على كامل قطاع غزة، واصفًا إياها بأنها “مجنونة”، و”تضر إسرائيل أكثر مما تنفعها”.
وأضاف: “نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب، ليس من أجل أمن إسرائيل، بل خوفًا من لحظة المحاسبة.. لجنة التحقيق في هجوم 7 أكتوبر ستطيح بحكومته، وربما بمستقبله السياسي.”
ويبدو أن موقف أولمرت يعكس تحولًا داخليًا كبيرًا في المزاج السياسي الإسرائيلي، خاصة مع تزايد الأصوات المعارضة داخل المجتمع وحتى من قلب النخبة السياسية.
إسرائيل تواجه عزلة دبلوماسية متصاعدة
وفي تطور يعكس حجم الاستياء الدولي، مُنع الوزيران المتطرفان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش من دخول المملكة المتحدة، بسبب “تحريضهما المتكرر على العنف ضد الفلسطينيين”، في خطوة غير مسبوقة من الحكومة البريطانية.
وتعتبر هذه الإجراءات مؤشراً على تغير في نبرة الخطاب الدولي تجاه الحكومة الإسرائيلية، التي تواجه اليوم عزلة متزايدة، ليس فقط بسبب عملياتها في غزة، بل أيضًا بسبب تصاعد الخطاب اليميني المتشدد داخلها.
في ظل كل هذا، يبدو أن إسرائيل اليوم لا تواجه فقط حربًا في غزة، بل أزمة داخلية عميقة، حيث تتقاطع صرخات العائلات، وتحذيرات القادة السابقين، والعزلة الدولية، في مشهد معقّد يُنذر بتداعيات غير مسبوقة على مستقبل الحكومة الإسرائيلية واستقرارها السياسي.
اقرأ أيضا..