في خطوة مثيرة للجدل تعكس تصاعد الخطاب الأمني داخل الولايات المتحدة، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إدارته تدرس استخدام بعض المدن الكبرى، وعلى رأسها مدينة شيكاغو، كمناطق تدريب فعلية للقوات المسلحة الأمريكية، في إطار ما وصفه بـ”حرب داخلية” ضد الجريمة والعنف المستشري في المدن التي وصفها بأنها “غير آمنة”.
ترامب يوسّع نطاق الجيش
جاءت تصريحات ترامب خلال اجتماع جمعه بكبار القادة العسكريين في منشأة كوانتيكو بولاية فرجينيا، حيث خاطب العشرات من الجنرالات والأدميرالات قائلاً إن حماية الداخل الأمريكي باتت أولوية قصوى. وألمح إلى أن بعض القادة الحاضرين قد يُكلّفون قريبًا بمهام تتعلق بالتدخل الفيدرالي في عدد من المدن التي تقودها إدارات محلية ديمقراطية، مشيرًا تحديدًا إلى شيكاغو ونيويورك كمناطق مستهدفة.

وفي لهجة حادة، وصف ترامب شيكاغو بأنها مدينة كبيرة لكنها “غير كفؤة في إدارتها”، وأكد أن التدخل العسكري الفيدرالي فيها أصبح مسألة وقت. واعتبر أن تلك المدن لا تختلف كثيرًا عن ساحات القتال، مضيفًا: “إنها حرب أيضًا. إنها حرب داخلية”.
كما أشار إلى أنه وجّه وزير الدفاع بيت هيجسيث للنظر في إمكانية استخدام بعض هذه المدن كمناطق تدريب ميداني للقوات المسلحة، وليس فقط الحرس الوطني. وأوضح أن الهدف من هذه الخطوة هو تجهيز القوات الأمريكية على أرض الواقع لمواجهة ما وصفه بـ”الغزو الداخلي”، الذي اعتبره أكثر تعقيدًا من التهديدات الخارجية، لأن الفاعلين لا يرتدون زياً عسكرياً ولا يمكن تمييزهم بسهولة.
المدن الأمريكية تتحول إلى ساحات تدريب
ويأتي هذا التصعيد في وقت وجّه فيه البيت الأبيض بالفعل بنشر قوات من الحرس الوطني في العاصمة واشنطن ومدينة ممفيس بولاية تينيسي، كما أعلن عن إرسال وحدات إضافية إلى مدينة بورتلاند بولاية أوريجون، وذلك في إطار حملة اتحادية لمكافحة الجريمة. في الوقت نفسه، لم يستبعد الرئيس إرسال قوات إلى مدن أخرى، من بينها نيويورك ونيو أورلينز، رغم معارضة حكام تلك الولايات ومجالسها المحلية.
هذا النهج الجديد من قبل إدارة ترامب لقي انتقادات شديدة من قادة ديمقراطيين، الذين شبّهوا هذه السياسة بتكتيكات “استبدادية”، محذرين من أن عسكرة المدن قد تؤدي إلى مزيد من التوتر والعنف بدلاً من الحد منه. وقد شدد هؤلاء على أن تدخل الجيش في شؤون داخلية يضرب مبدأ الحكم الذاتي المحلي ويقوض أسس الفيدرالية.

من جانبه، لم يتراجع ترامب عن موقفه، بل صعّد من حدة تصريحاته، قائلاً: “نحن نتعرض لغزو من الداخل، وهو أخطر بكثير من العدو الأجنبي، لأن العدو في الداخل لا يعلن عن نفسه”.
التحركات التي تبنّاها ترامب تطرح تساؤلات جدية حول حدود استخدام القوة العسكرية داخل البلاد، وإمكانية استخدام المدن الأمريكية كمواقع تدريب ميدانية، وهي فكرة غير مسبوقة في تاريخ السياسة الداخلية الأمريكية المعاصرة. وبينما يرى البعض أنها خطوة ضرورية لاستعادة الأمن، يحذر آخرون من تداعياتها القانونية والدستورية والأمنية على المدى الطويل.