في خطوة أثارت دهشة وتساؤلات كبيرة حول دوافعها ومعاييرها، تم تعيين توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، كعضو في “مجلس السلام” الذي أسسه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. هذا التعيين لا يمكن فصله عن السجل السياسي الحافل لبلير، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط التي لا تزال تعاني تبعات قراراته التي أثرت بشكل عميق على استقرارها وأمنها.
تعيين بلير في مجلس السلام
يُعتبر بلير أحد أبرز المهندسين السياسيين للغزو الأمريكي البريطاني للعراق عام 2003، وهي العملية التي أطلقت سلسلة طويلة من الصراعات والاضطرابات في المنطقة. دعمه غير المشروط لهذا الغزو، وتأييده لمعلومات استخباراتية اتضح لاحقًا أنها مضللة حول وجود أسلحة دمار شامل، جعله رمزًا للخطأ الاستراتيجي الذي دفع بالشرق الأوسط إلى دوامة من العنف وعدم الاستقرار. ومن هنا، يطرح تعيينه في هيئة تهدف إلى السلام تساؤلات جوهرية عن مدى جديّة هذه الهيئة وحيادها.

بلير .. حكاية مأساة الشرق الأوسط
صحيفة “الجارديان” البريطانية وصفت هذا التعيين بأنه “إعادة صياغة جديدة لبلير كشخصية مؤثرة في الشرق الأوسط”، لكنها لم تخفِ تحفّظها على قدرة بلير على تقديم إضافة إيجابية، نظرًا لسجلّه الحافل بالجدل. فبينما يُشيد له بدوره في اتفاق “الجمعة العظيمة” الذي أنهى النزاع في أيرلندا الشمالية، فإن تاريخه في الشرق الأوسط يبقى محفوفًا بالفشل والمخاوف.
وفي تعليق لاذع، أكد جوش بول، أحد مؤسسي مركز “سياسة جديدة” البحثي الأمريكي، الذي عمل مع بلير عندما كان مبعوثًا للجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، أن خطط بلير تحمل “عيبين قاتلين”. الأول هو إعلاء التنمية الاقتصادية على الحلول السياسية، بما في ذلك حق تقرير المصير للفلسطينيين، وهو ما أثبتت التجارب السابقة عدم فاعليته في غياب حرية التنقل والحكم الذاتي. والثاني هو أن هذه الخطط تحظى بتأييد حكومة إسرائيل، التي تعمل على إحباطها عبر “استراتيجية إبادة سياسية منهجية”، مما يجعل تحقيق أي تقدم حقيقي مستحيلاً.
توني بلير يثير الانتقادات
في الدوائر الدبلوماسية، لم يكن تقييم بلير كمبعوث للجنة الرباعية مشجعًا، إذ اعتبره الفلسطينيون عائقًا يعطل تحقيق العدالة، بسبب انحيازه الواضح وتجاهله للقضايا السياسية الأساسية.
بناءً على ذلك، يبدو انضمام بلير إلى مجلس السلام تحت إدارة ترامب امتدادًا لنفس السياسات والمقاربات التي أثبتت فشلها في الماضي. فبدلًا من أن يكون محركًا للسلام، يعيد بلير الظهور كرمز للقرارات التي زعزعت استقرار الشرق الأوسط، وأعاقت مسارات الحل الدبلوماسي العادل.
اقرأ أيضا.. ترامب: تجاهل منحي جائزة نوبل إهانة كبرى لأمريكا