تحذيرات بالغ الخطورة أطلقتها الأمم المتحدة، بشأن تدهور الأوضاع الإنسانية في إقليم دارفور غربي السودان، مشيرة إلى أن المنطقة تواجه كارثة وشيكة في ظل استمرار العنف المسلح ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين، وسط غياب أي مؤشرات على التهدئة بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع.
دارفور على حافة الكارثة
وفي تصريحات صادمة، وصفت دينيس براون، منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في السودان، مدينة الطويلة في دارفور بأنها أصبحت “أحد مراكز الكارثة الإنسانية”، مشيرة إلى أنها تأوي حاليًا نحو 600 ألف نازح، معظمهم فروا من القتال العنيف الدائر حول مدينة الفاشر، عاصمة الإقليم المحاصرة، منذ أبريل الماضي.

وأكدت براون أن السودان يشهد الآن أكبر أزمة نزوح في العالم، حيث بلغ عدد النازحين داخليًا وخارجيًا نحو 12 مليون شخص منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، ما جعل الوضع الإنساني يخرج عن السيطرة في كثير من المناطق، خاصة في إقليم دارفور الذي يعاني حصارًا مزدوجًا من السلاح والمجاعة.
الأمم المتحدة تحذر من مجاعة الأكبر عالميًا
وتشهد المناطق المحاصرة، وعلى رأسها الفاشر والطويلة، شبه انعدام تام لوصول المساعدات الإنسانية، حيث تتعرض قوافل الإغاثة للمنع أو الهجوم، وتم توثيق مقتل ما لا يقل عن 120 من عمال الإغاثة خلال الفترة الماضية. كما أفادت التقارير بأن ميليشيات الدعم السريع أقامت سواتر ترابية وموانع على الطرق الحيوية لعرقلة حركة المدنيين ومنع الإمدادات من الوصول.
وفي الوقت ذاته، تهدد الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة أرواح السكان والعاملين في المجال الإنساني، ما يزيد من صعوبة الوصول إلى المناطق المنكوبة. بينما توقفت منذ شهور قوافل المساعدات التي كانت تحمل الغذاء والدواء، في ظل غياب ممرات إنسانية آمنة، ورفض الأطراف المتحاربة تقديم أي ضمانات أمنية.

وأشارت براون إلى أن الوضع داخل مواقع النزوح أصبح كارثيًا، مع انتشار سوء التغذية الحاد، والكوليرا، وحمى الضنك. وأوضحت أن العائلات تواجه “كارثة قابلة للانفجار”، في ظل نقص المياه النظيفة وانعدام خدمات الصرف الصحي، مما يهدد بتفشي أوسع للأوبئة والموت الجماعي بسبب الجوع.
وأضافت: “نحن مستعدون لتقديم المساعدة، لكن لا يمكننا التحرك دون ضمانات أمنية واضحة”، موجهة نداءً صريحًا لجميع الأطراف بقولها: “أوقفوا العنف، أوقفوا الحرب، اسمحوا لنا بالمرور”.
وتفاقم الأزمة عجز خطير في التمويل الدولي، حيث لم يُموّل سوى 25% فقط من خطة الاستجابة الإنسانية للسودان البالغة 4.2 مليار دولار، رغم دخول الأشهر الأخيرة من عام 2025. وقالت براون بأسف: “كل اجتماع أحضره يدور حول حجم الاحتياج مقابل استجابة محدودة.. نحن ببساطة لا نملك الموارد لفعل المزيد”.
وفي هذا السياق، أطلقت منظمات إنسانية محلية ودولية نداءً مشتركًا عاجلاً للمجتمع الدولي، مطالبة بفتح ممرات إخلاء آمنة للمدنيين في الفاشر، وضمان وصول المساعدات دون تأخير، محذرة من أن “التقاعس الحالي قد يؤدي إلى مذابح جماعية لآلاف المدنيين”.
تأتي هذه التطورات وسط صمت دولي متزايد، بينما يتسارع انحدار دارفور نحو هاوية إنسانية، تُنذر بعواقب وخيمة إذا لم يُتحرك العالم فورًا لإنقاذ من تبقى في قلب المأساة.