في اختراق علمي جديد، توصل باحثون من جامعة كالغاري الكندية إلى طريقة بسيطة وغير جراحية يمكن أن تكشف عن التعرض طويل الأمد لغاز الرادون، ثاني أكبر مسبب لسرطان الرئة بعد تدخين التبغ، مما يفتح المجال أمام تحسين فرص التشخيص المبكر، خصوصًا لغير المدخنين أو المدخنين العرضيين الذين لا تشملهم برامج الفحص الروتينية.

أداة جديدة لرصد الخطر المخفي
تعتمد الطريقة الجديدة على تحليل قصاصات أظافر القدم، التي تُعد أرشيفًا بيولوجيًا طبيعيًا يحتفظ بآثار التعرض للسموم البيئية، وأظهرت دراسة تجريبية أجراها فريق متعدد التخصصات بقيادة عالم الكيمياء الحيوية آرون غودارزي والفيزيائي مايكل وايزر، أن أظافر القدم تحتوي على مؤشرات كمية موثوقة للتعرض التراكمي للرادون عبر السنوات.
الرصاص المشع في الأظافر.. صمة الرادون في الجسم
يوضح غودارزي أن الرادون، بعد استنشاقه، يتحلل داخل الجسم ويتحوّل إلى رصاص مشع (210Pb)، والذي يخزنه الجسم في أنسجة بطيئة النمو مثل الشعر والجلد والأظافر، وباستخدام تقنيات فائقة الحساسية، تمكن الفريق من اكتشاف وجود نظير الرصاص هذا في 71% من العينات التي جُمعت من أظافر أقدام المشاركين.
فرق واضح بين المتعرضين للرادون وغيرهم
حلّل الباحثون 55 عينة من أظافر القدم، ووجدوا أن الأظافر التي تعود لأشخاص عاشوا في منازل تحتوي على مستويات مرتفعة من الرادون على مدى 26.5 سنة، احتوت على 0.298 فيمتوغرام من الرصاص المشع لكل نانوغرام من الرصاص الثابت، أما الأشخاص الذين تعرضوا لمستويات منخفضة، فسجلت أظافرهم 0.075 فيمتوغرام فقط أي بفارق نسبة 397%، وهو مؤشر قوي على موثوقية الطريقة.
التعر للرادون.. خطر لا يُرى ولا يُشم
على عكس التدخين الذي يمكن الإبلاغ عنه بسهولة، فإن التعرض للرادون غالبًا ما يمر دون إدراك أو إشراف طبي، فالرادون غاز عديم اللون والرائحة، وينتج طبيعيًا من الأرض، ويتراكم في الأماكن المغلقة ذات التهوية الضعيفة، خصوصًا في المناطق الباردة أو المباني القديمة التي لم تُطبّق فيها معايير البناء الحديثة للحد من الرادون.
كما يمكن أن يتسرب الرادون إلى المياه الجوفية ويذوب فيها، ويزداد تركيزه في المناطق الغنية باليورانيوم، كما تسهم بعض مواد البناء مثل الفسفوجبس والخرسانة الخفيفة في زيادته داخل البيوت.
الأظافر تحتفظ بآثار الرادون لسنوات
أحد أبرز ما توصل إليه الباحثون أن آثار الرادون المشع تبقى في أظافر القدم حتى بعد سنوات من تقليل التعرض له، فقد وُجدت المستويات المرتفعة من نظير الرصاص في أظافر أشخاص قلّلوا تعرضهم قبل ست سنوات على الأقل، مما يعزز من إمكانية الاعتماد على هذه الطريقة كأداة تشخيصية بأثر رجعي.
اقرأ أيضًا:
خل التفاح قبل النوم.. مشروب بسيط بفوائد صحية مذهلة
دراسة موسعة تشمل 10 آلاف مشارك
يعمل الفريق حاليًا على تنفيذ دراسة أكبر بمشاركة 10 آلاف شخص من مختلف أنحاء كندا، تشمل فحص مستويات الرادون في منازلهم وتحليل أظافرهم، ويهدف الباحثون من خلال هذه البيانات إلى تطوير أدلة علمية قوية لدعم إدراج الفئات المعرضة للرادون ضمن برامج الفحص المبكر لسرطان الرئة.
ويؤكد غودارزي: “هذه الطريقة قد تفتح الباب أمام تشخيص مبكر للعديد من المرضى الذين لم يدخنوا أبدًا، لكن تعرضهم المزمن للرادون كان السبب الخفي وراء إصابتهم بسرطان الرئة.“