لا تأتي نوبات الصدفية من العدم، بل قد تتسلل بهدوء عبر محفزات خفية تتواجد في حياتنا اليومية، دون أن ننتبه لتأثيرها.
الصدفية، بوصفها مرضًا مناعيًّا مزمنًا، تتأثر بعدد من العوامل البيئية والداخلية. رصد هذه العوامل وتجنّبها يمكن أن يُحد من تفاقم الأعراض ويسهم في السيطرة على المرض بشكل أفضل.
7 محفزات خفية لمرض الصدفية

1. التهابات الحلق: محفز لا يُستهان به
قد تبدو التهابات الحلق مشكلة صحية عابرة، لكن الدراسات أظهرت أنها قد تكون سببًا رئيسيًا في تفاقم أعراض الصدفية.
ففي دراسة شملت 275 شخصًا يعانون من هذا المرض، أفاد 42% منهم أن أعراضهم الجلدية تدهورت بعد إصابتهم بالتهاب في الحلق، وارتفعت هذه النسبة إلى 72% في الحالات التي سببها التهاب الحلق البكتيري الناتج عن البكتيريا العقدية.
ولعل ما يثير الدهشة أن عددًا كبيرًا من المرضى الذين خضعوا لجراحة استئصال اللوزتين لاحظوا تحسنًا ملحوظًا في حالاتهم، ما يفتح باب النقاش حول جدوى هذا الإجراء كخيار علاجي لبعض المصابين بالصدفية.
2. ميكروبيوم الأمعاء: توازن هش يُحدث فرقًا
يُعد التوازن البكتيري في الأمعاء – أو ما يُعرف بـ”الميكروبيوم” – عاملًا مؤثرًا في نشاط الجهاز المناعي. لدى الأشخاص المصابين بالصدفية، غالبًا ما يختل هذا التوازن، ويختلف شكل الاختلال من حالة لأخرى. بعض الدراسات رصدت زيادة في بكتيريا معينة مثل بريفوتيلا، بينما أظهرت أخرى انخفاضًا في أنواع مختلفة.
بغض النظر عن التغير، فإن هذا الخلل، المعروف طبيًّا باسم “خلل التوازن البكتيري”، يبدو مرتبطًا بشدة المرض وتطور الأعراض، مما يجعله مجالًا واعدًا في أبحاث علاج الصدفية.
3. التعرق: العدو غير المتوقع
ممارسة الرياضة مفيدة بلا شك، لكنها قد تكون سيفًا ذا حدين بالنسبة لمرضى الصدفية، إذ إن التعرق المفرط قد يسبب حكة شديدة تدفع الشخص إلى خدش الجلد بشكل متكرر، وأحيانًا عنيف، مما يؤدي إلى تمزق الجلد وظهور نزيف.
هذا النوع من التهيج قد يُنتج عنه التهاب وألم مضاعف، ويُعد من العوامل التي قد تزيد حدة النوبات بشكل ملحوظ.
4. الاستحمام بالماء الساخن: راحة مؤقتة وتفاقم مستمر
رغم أن الاستحمام بالماء الساخن قد يمنح إحساسًا لحظيًّا بالاسترخاء، إلا أن تأثيره على البشرة المصابة بالصدفية قد يكون سلبيًا للغاية. الحرارة العالية تُجفف الجلد، وتُضعف حاجزه الواقي، مما يجعل البشرة أكثر عرضة للتقشر والتهيج.
وبالنسبة لمن يعانون من القلق أو الاكتئاب، قد يتحول الاستحمام إلى وسيلة للتنفيس النفسي، مما يدفع البعض إلى الاستحمام عدة مرات يوميًّا. هذه العادة قد تُفاقم من جفاف الجلد وتزيد من حدة الأعراض. الحل الأمثل هو اللجوء إلى الاستحمام بالماء الفاتر، والاعتماد على تقنيات مهدئة أخرى مثل التأمل، التنفس العميق، أو تدوين اليوميات.
اقرأ أيضًا
تناول الزيتون يوميًا.. صحي أم مسبب للسمنة؟
7 محفزات خفية لمرض الصدفية
5. الأطعمة فائقة المعالجة: خطر صامت في طبقك
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الأطعمة فائقة المعالجة – الغنية بالسكريات والدهون والمضافات الصناعية – قد تؤدي إلى حدوث التهابات بالجسم، وهو ما قد يُنشط أو يُفاقم مرض الصدفية. هذه الأطعمة، الشائعة في الوجبات السريعة والمنتجات المعلبة، قد تؤثر بشكل مباشر على الاستجابة المناعية.
ورغم أن العلاقة بين الغذاء والصدفية ما تزال قيد الدراسة، فإن تبني نظام غذائي متوازن وغني بالأطعمة الطبيعية قد يكون خطوة مهمة نحو تحسين الحالة الصحية العامة.
6. التغيرات الهرمونية: تقلبات تؤثر على الجلد
تلعب الهرمونات دورًا محوريًّا في نشاط الصدفية، خاصةً لدى النساء. غالبًا ما تُلاحظ نوبات تفاقم للمرض خلال فترات التغيرات الهرمونية الكبرى، مثل البلوغ، الحمل، أو انقطاع الطمث.
هذه الفترات تشهد تغيرات دراماتيكية في مستويات الهرمونات، مما قد يُحفّز الجهاز المناعي ويفاقم الأعراض الجلدية.
7. حروق الشمس والجروح: محفزات ظاهرة بتأثير عميق
يتعرض مرضى الصدفية لما يُعرف طبيًّا بـ”استجابة كوبنر”، وهي ظاهرة تُسبب ظهور بقع جديدة من الصدفية في أماكن الإصابة الجلدية مثل الجروح، الخدوش، لدغات الحشرات، أو حروق الشمس.
وقد تزداد هذه الاستجابة في الأجواء الباردة والجافة التي تُجفف الجلد وتُضعف قدرته على التعافي، مما يجعل العناية بالبشرة واستخدام واقيات الشمس أمرًا ضروريًّا.
الصدفية مرض مزمن ومعقد، لكن فهم أسبابه الخفية ومراقبة الإشارات الصغيرة يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في حياة المرضى. وبينما تتعدد المحفزات وتختلف من شخص لآخر، يظل الوعي بها الخطوة الأولى نحو حياة أكثر راحة وأقل ألمًا.