شن الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية على مخيم جنين في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، مما أسفر عن استشهاد ثمانية فلسطينيين وإصابة 35 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة. وبحسب مصادر عسكرية إسرائيلية، فإن العملية العسكرية من المتوقع أن تستمر لعدة أيام.
مخيم جنين وتفاصيل العملية العسكرية
صرح مصدر عسكري إسرائيلي أن العملية بدأت بسلسلة من الغارات الجوية التي استهدفت مواقع تابعة لفصائل المقاومة في جنين. وأفادت وسائل إعلام فلسطينية بأن هذه الغارات الجوية أسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل وإصابة 35 آخرين.
وأظهرت مقاطع مصورة بثتها وسائل إعلام فلسطينية مروحيات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي تحلّق فوق مدينة جنين، في مشهد يعكس التصعيد الميداني.
وفي بيان مشترك، أعلن الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) عن تنفيذ عملية أطلق عليها اسم “الجدار الحديدي”، مشيرين إلى أن مزيدًا من التفاصيل سيتم الكشف عنها لاحقًا.
ووفقًا لمصادر عسكرية إسرائيلية، فإن أعدادًا كبيرة من القوات تشارك في العملية، بما في ذلك القوات الخاصة، عملاء الشاباك، وضباط شرطة الحدود.
اقرأ أيضًا:
احتراق مركز رعاية أطفال يهودي في حادث هجوم بولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية

أهداف العملية العسكرية في جنين
أعلنت إسرائيل أن العملية تهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية:
الحفاظ على حرية حركة الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية.
تحييد البنية التحتية للإرهاب في المنطقة.
القضاء على التهديدات الأمنية الوشيكة التي تمثلها الفصائل الفلسطينية المسلحة.
تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بشأن العملية
وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العملية بأنها “خطوة أخرى نحو تحقيق الهدف الذي وضعته الحكومة الإسرائيلية لتعزيز الأمن في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)”، مستخدمًا المصطلح التوراتي للإشارة إلى الضفة الغربية.
وقال نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه: “نحن نعمل بطريقة منهجية وحاسمة ضد المحور الإيراني أينما يرسل أسلحته، سواء في غزة أو لبنان أو سوريا أو اليمن أو يهودا والسامرة”.
وفي السياق ذاته، صرح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق هرتسي هاليفي، يوم الإثنين، بأن الجيش يستعد لتنفيذ “عمليات كبيرة” في الضفة الغربية، مشيرًا إلى ضرورة إحباط الأنشطة الإرهابية قبل وصولها إلى المدنيين الإسرائيليين.
وأكد هاليفي خلال تصريحات صادرة عن الجيش: “إلى جانب التحضيرات الدفاعية المكثفة في قطاع غزة، يجب أن نكون مستعدين لتنفيذ عمليات واسعة في يهودا والسامرة خلال الأيام المقبلة، بهدف استباق التهديدات الإرهابية.”

التنسيق مع السلطة الفلسطينية
أشار مسؤولون عسكريون إلى أن القيادة المركزية الإسرائيلية تجري تنسيقًا مع السلطة الفلسطينية بشأن العمليات الهجومية في الضفة الغربية، وذلك بهدف منع حماس من تعزيز نفوذها في المنطقة. وتأتي هذه الجهود في سياق إطلاق سراح أعضاء من حماس في إطار اتفاق وقف إطلاق النار.
وأضاف المسؤولون أن الخطط الهجومية تنسق مع السلطة الفلسطينية، التي تشعر بالقلق من تمدد نفوذ حماس في الضفة الغربية، لا سيما في ظل إطلاق سراح السجناء الأمنيين الفلسطينيين ضمن صفقة التهدئة.
إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين
تأتي العملية العسكرية بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بين الاحتلال وحركة حماس، وتشمل صفقة وقف إطلاق النار مع حماس في قطاع غزة الإفراج عن مئات السجناء الأمنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، ومن بينهم أشخاص مدانون بتنفيذ هجمات.
وجاءت الغارة العسكرية الإسرائيلية على جنين عقب يوم واحد من مقتل جندي احتياطي إسرائيلي وإصابة أربعة آخرين، بينهم ضابط كبير في حالة خطيرة، نتيجة انفجار عبوة ناسفة في شمال الضفة الغربية.

وقعت العملية في أعقاب اتفاق هش للهدنة بين السلطة الفلسطينية والفصائل المسلحة في جنين، الذي أنهى مواجهة استمرت ستة أسابيع. وتركزت تلك المواجهات على كتيبة جنين، وهي مجموعة تضم عناصر من حماس والجهاد الإسلامي.
وفي إطار جهودها لتأكيد السيطرة، حاولت السلطة الفلسطينية إظهار قدرتها على فرض النظام في الضفة الغربية، بالتوازي مع مساعيها لتولي زمام الأمور في غزة بعد الحرب الأخيرة هناك.
وبحسب تقارير فلسطينية، انسحبت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية من المنطقة فور دخول القوات الإسرائيلية إلى جنين، مما يعكس حالة الفوضى التي تخللت المشهد.
وفي هذا السياق، نفذ الجيش الإسرائيلي غارات جوية متكررة على جنين خلال الأشهر الأخيرة، قبل أن يعلق هذه السياسة بالتزامن مع عمليات السلطة الفلسطينية في المنطقة، لكنه استأنف تلك الغارات مؤخرًا مما أدى إلى وقوع خسائر بشرية كبيرة.