في اكتشاف علمي مذهل يتعلق بمرض الخرف، توصل باحثون من جامعة موناش في ملبورن إلى أن علامتين غير مرتبطتين بالذاكرة قد تكونان مؤشرًا مبكرًا على الإصابة بالخرف، وذلك قبل أكثر من عقد من ظهور الأعراض المعروفة للمرض. وفقًا للدراسة، فإن فقدان الوزن السريع وارتفاع مستويات الكوليسترول النافع (HDL) قد يشكلان إنذارًا مبكرًا للإصابة بهذا المرض العصبي المزمن.
علامات غير متوقعة تنذر بالإصابة بـ مرض الخرف
قام الفريق البحثي بتحليل بيانات 1078 شخصًا مصابًا بالخرف، بالإضافة إلى 4312 شخصًا غير مصابين بالمرض، مع التركيز على صحة القلب والتمثيل الغذائي لديهم، وخلصت النتائج إلى أن الأشخاص الذين تم تشخيصهم لاحقًا بالخرف عانوا من فقدان الوزن بشكل أسرع مقارنة بغيرهم.
كما لاحظ الباحثون أن مستويات الكوليسترول النافع (HDL) كانت أعلى لدى المصابين بالخرف قبل حوالي خمس سنوات من التشخيص، مقارنة بالأشخاص الذين لم يصابوا بالمرض. هذه النتائج تشير إلى أن التغيرات الأيضية والجسدية قد تبدأ في الظهور قبل سنوات طويلة من ظهور الأعراض الإدراكية المعروفة للخرف.

يعتبر هذا الاكتشاف خطوة مهمة نحو فهم أعمق للتغيرات التي تحدث في الجسم قبل الإصابة بالخرف، وقال الباحثون إن هذه النتائج قد تساعد في تطوير استراتيجيات جديدة للكشف المبكر عن المرض، مما يفتح الباب أمام تدخلات وقائية قد تؤخر أو تمنع تطور الحالة.
وأضاف الفريق أن هذه العلامات، وإن كانت غير مرتبطة مباشرة بالذاكرة، إلا أنها قد تكون مؤشرات حيوية مهمة لتتبع صحة الدماغ على المدى الطويل.
تأثيرات مستقبلية
يأمل العلماء أن تساهم هذه النتائج في تحسين فهمنا لمرض الخرف، الذي يعتبر أحد أكبر التحديات الصحية في العالم. مع تزايد أعداد المصابين بهذا المرض، قد توفر هذه الاكتشافات أدوات جديدة للأطباء لتحديد الأشخاص المعرضين للخطر في مراحل مبكرة، مما يسمح ببدء العلاج أو تغيير نمط الحياة قبل تفاقم الأعراض.
هذه الدراسة تذكرنا بأن الخرف ليس مجرد مرض يؤثر على الذاكرة، بل هو حالة معقدة تؤثر على الجسم بأكمله، مما يتطلب نهجًا شموليًا للوقاية والعلاج.
مرض الخرف
مرض الخرف (Dementia) ليس مرضًا محددًا بذاته، بل هو مصطلح عام يُستخدم لوصف مجموعة من الأعراض التي تؤثر على الوظائف الإدراكية للدماغ، مثل الذاكرة، التفكير، القدرة على حل المشكلات، واللغة، هذه الأعراض تكون شديدة بما يكفي للتأثير على الحياة اليومية للشخص وقدرته على أداء المهام المعتادة.
أعراض الخرف الشائعة
فقدان الذاكرة: خاصة الذاكرة قصيرة المدى، مثل نسيان الأحداث الأخيرة أو تكرار الأسئلة.
صعوبة في التواصل: مثل نسيان الكلمات أو عدم القدرة على متابعة المحادثات.
اضطراب في التفكير المنطقي: مثل صعوبة اتخاذ القرارات أو حل المشكلات البسيطة.
تغيرات في الشخصية والمزاج: مثل الاكتئاب، القلق، أو الانسحاب الاجتماعي.
صعوبة في تنفيذ المهام اليومية: مثل ارتداء الملابس أو الطهي.
أسباب وأنواع الخرف
يحدث الخرف نتيجة تلف خلايا الدماغ أو فقدان الاتصال بينها، هناك عدة أسباب وأشكال للخرف، أبرزها:
مرض الزهايمر: وهو أكثر أنواع الخرف شيوعًا، حيث يشكل حوالي 60-70% من الحالات. يتميز بتراكم بروتينات غير طبيعية في الدماغ تعطل التواصل بين الخلايا العصبية.
الخرف الوعائي: يحدث بسبب نقص تدفق الدم إلى الدماغ، غالبًا نتيجة السكتات الدماغية أو أمراض الأوعية الدموية.
خرف أجسام ليوي: يرتبط بتراكم بروتينات غير طبيعية تسمى أجسام ليوي في الدماغ، مما يؤدي إلى أعراض مشابهة لمرض باركنسون.
الخرف الجبهي الصدغي: يؤثر على الفصين الجبهي والصدغي في الدماغ، مما يؤدي إلى تغيرات في الشخصية والسلوك.
أسباب أخرى: تشمل العدوى، نقص الفيتامينات، إصابات الرأس، أو أمراض مثل باركنسون وهنتنغتون.
كيف يتم تشخيص الخرف
يتم تشخيص الخرف من خلال تقييم طبي شامل يشمل:
الفحوصات العصبية.
اختبارات الذاكرة والإدراك.
فحوصات الدم والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) للدماغ.
علاج الخرف
حتى الآن، لا يوجد علاج شافٍ للخرف، ولكن هناك علاجات تساعد في إدارة الأعراض وإبطاء تقدم المرض، مثل:
الأدوية التي تعزز وظائف الدماغ.
العلاج السلوكي والنفسي.
تغييرات في نمط الحياة، مثل النشاط البدني المنتظم، النظام الغذائي الصحي، والأنشطة الذهنية.
اقرأ أيضًا:
«شيب الشعر المبكر» 8 أطعمة غنية بمضادات الأكسدة تحافظ على شبابك
إحصائيات عن الإصابة بالخرف.. تحدٍّ صحي عالمي متزايد
مرض الخرف يُعد أحد أكبر التحديات الصحية في العالم، خاصة مع تزايد عدد كبار السن. تُظهر الإحصائيات الحديثة حجم انتشار المرض وتأثيره على الأفراد والمجتمعات. إليك نظرة عامة على أبرز الإحصائيات المتعلقة بالخرف:
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، يُقدَّر عدد المصابين بالخرف حول العالم بحوالي 55 مليون شخص اعتبارًا من عام 2023، من المتوقع أن يتضاعف هذا العدد تقريبًا كل 20 عامًا، ليصل إلى 78 مليونًا بحلول عام 2030، و139 مليونًا بحلول عام 2050.
تعيش الغالبية العظمى من المصابين بـ مرض الخرف الخرف في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث يُقدَّر أن حوالي 60% من الحالات توجد في هذه الدول، ومع تزايد الشيخوخة في هذه المناطق، من المتوقع أن تشهد أعلى زيادة في عدد الحالات خلال العقود القادمة.
وتُقدَّر التكلفة العالمية للخرف بحوالي 1.3 تريليون دولار أمريكي سنويًا، ومن المتوقع أن ترتفع هذه التكلفة مع زيادة عدد الحالات، وتشمل هذه التكاليف الرعاية الصحية المباشرة، الرعاية الاجتماعية، وخسارة الإنتاجية بسبب ترك العمل لرعاية المرضى.
يُعد مرض الخرف أحد الأسباب الرئيسية للوفاة على مستوى العالم، ووفقًا لإحصائيات عام 2023، يُساهم الخرف في حوالي 10% من وفيات كبار السن (65 عامًا فأكثر).
كما تُظهر الإحصائيات أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالخرف مقارنة بالرجال، وحوالي 65% من إجمالي الوفيات المرتبطة بالخرف تكون بين النساء.
على الرغم من انتشار المرض، لا يزال هناك نقص في التوعية والخدمات المتخصصة لرعاية مرضى الخرف، خاصة في الدول النامية، أقل من 50% من الدول لديها خطط وطنية للتعامل مع الخرف، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
هذه الإحصائيات تُظهر أن الخرف ليس مجرد مشكلة صحية فردية، بل هو قضية عالمية تتطلب جهودًا مشتركة لتحسين الرعاية الصحية، زيادة التوعية، ودعم البحث العلمي لإيجاد علاجات أكثر فعالية. مع تزايد عدد الحالات، أصبحت الحاجة إلى استراتيجيات وقائية ورعاية شاملة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.