تعد صفقة بنك القاهرة خطوة تعكس تسارع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية، حيث تواصل الحكومة المصرية جهودها لإتمام صفقة بيع حصة من بنك القاهرة، إما عبر الطرح في البورصة المصرية أو من خلال بيع مباشر لمستثمر استراتيجي. تأتي هذه الخطوة في إطار تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي تهدف إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري، وتمهيد الطريق لمزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
القطاع المصرفي المصري وجاذبية متزايدة للمستثمرين
يُعد القطاع المصرفي المصري واحدًا من أكثر القطاعات جاذبية للمستثمرين، خاصة بعد الأداء القوي الذي حققه خلال العامين الماضيين. وقد أظهر نجاح طرح “المصرف المتحد” في البورصة المصرية العام الماضي مدى اهتمام المستثمرين بفرص الاستثمار في القطاع المصرفي، مما يعزز الثقة في جاهزية السوق لاستيعاب طروحات جديدة.

كما أسهم قرار تحرير سعر الصرف في مارس 2024 في تعزيز جاذبية الشركات المصرية للاستحواذ، سواء ضمن برنامج الطروحات الحكومية أو من خلال القطاع الخاص، مما يزيد من فرص نجاح صفقة بنك القاهرة.
تفاصيل صفقة بنك القاهرة
تسعى الحكومة المصرية إلى إتمام ثلاث صفقات على الأقل ضمن برنامج الطروحات الحكومية بحلول نهاية يونيو 2024، وتأتي صفقة بنك القاهرة على رأس أولوياتها.
ووفقًا لتقارير إعلامية، حصل بنك الإمارات دبي الوطني، المدرج في سوق دبي المالي، على موافقة البنك المركزي المصري لبدء عملية الفحص النافي للجهالة، وهي خطوة أولى نحو صفقة استحواذ محتملة على بنك القاهرة، المملوك بالكامل لبنك مصر.
وأفادت مصادر مطلعة بأن الحكومة تستهدف إغلاق صفقة بنك القاهرة خلال شهر ونصف، مع توقعات بأن تتجاوز قيمة الصفقة مليار دولار. كما تلقت الحكومة عروضًا استثمارية أخرى، من بينها عرض مقدم من مؤسسة كويتية للاستحواذ على البنك.

إجراءات تمهيدية وتعزيز رأس المال
بدأت مؤسسات خليجية خلال شهر فبراير الماضي عمليات الفحص النافي للجهالة استعدادًا للاستحواذ على حصة من بنك القاهرة قد تتجاوز 50% من البنك، بالتزامن مع تعيين بنك الاستثمار “سي آي كابيتال” مستشارًا ماليًا للصفقة.
وكان أعلن بنك القاهرة خلال العام الماضي عن زيادة رأس المال المرخص به من 20 مليار جنيه (حوالي 395 مليون دولار) إلى 50 مليار جنيه (نحو 988 مليون دولار)، كما رفع رأس المال المصدر والمدفوع بنحو 9 مليارات جنيه، هذه الخطوات تُعد إعدادًا استراتيجيًا لتهيئة البنك للطرح أو الاستحواذ، ولتعزيز جاذبية البنك للمستثمرين.
صفقة بنك القاهرة وتاريخ طويل من المحاولات
يُذكر أن الحكومة المصرية سعت منذ عام 2020 لبيع حصة من بنك القاهرة، إلا أن الصفقة تعثرت عدة مرات. خلال السنوات الماضية، أبدت عدة مؤسسات مالية اهتمامها بالاستحواذ، من بينها البنك السعودي الفرنسي، الذي كان أحد المنافسين المحتملين.
بنك القاهرة.. مسيرة سبعة عقود من الريادة المصرفية في مصر
يُعد بنك القاهرة واحدًا من أقدم البنوك العاملة في مصر، حيث تأسس عام 1952، ويمتلك عدة فروع خارجية في الإمارات وأوغندا. يخدم البنك قاعدة عملاء تتجاوز 3.9 مليون عميل، من خلال مجموعة متنوعة من الحلول المصرفية والمنتجات الرقمية المتطورة، بالإضافة إلى الخدمات المالية غير المصرفية.
يعد بنك القاهرة أحد أعرق المؤسسات المصرفية في مصر، حيث تأسس في 8 مايو 1952 برأس مال قدره 500 ألف جنيه مصري، ليصبح خلال العقود التالية أحد الركائز الأساسية للقطاع المصرفي المصري.
محطات بارزة في تاريخ البنك
شهد البنك توسعًا ملحوظًا منذ نشأته، حيث عزز وجوده داخل مصر وخارجها بافتتاح فروع إقليمية، منها في لبنان والسعودية، خلال الخمسينيات والستينيات. وفي عام 1964، خضع البنك لقرارات التأميم وأصبح مملوكًا للدولة، ليواصل بعد ذلك مسيرته في دعم الاقتصاد الوطني.
مع بداية التسعينيات، تبنى البنك استراتيجية تطوير شاملة، عززت من مكانته في تقديم الخدمات المصرفية للأفراد والشركات. وفي عام 2007، طُرحت فكرة خصخصته، إلا أنه استمر تحت مظلة الدولة.
في السنوات الأخيرة، شهد البنك طفرة في التحول الرقمي، مع التركيز على دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب خطط لطرحه في البورصة المصرية. واليوم، يواصل بنك القاهرة مسيرته كمؤسسة مصرفية رائدة، مع شبكة فروع واسعة داخل مصر وخطط طموحة للتوسع والتطوير.
ترقب لإتمام الصفقة
مع تسارع الخطوات نحو إتمام صفقة بيع حصة من بنك القاهرة، تبدو الحكومة المصرية عازمة على تعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، وجذب استثمارات جديدة تُسهم في دفع عجلة النمو، وتُعد هذه الصفقة واحدة من أبرز المحطات في برنامج الطروحات الحكومية، الذي يُنظر إليه كأحد الركائز الأساسية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في مصر.
يُتابع المراقبون عن كثب تطورات هذه الصفقة، التي قد تُشكل نقطة تحول في القطاع المصرفي المصري، وتعزز مكانة مصر كوجهة جاذبة للاستثمارات الإقليمية والعالمية.
اقرأ أيضًا:
صندوق النقد يواصل دعم الإصلاحات الاقتصادية في مصر بـ 2.5 مليار دولار