كشف العلماء أن مرضًا شائعًا يعاني منه الملايين يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسكتة دماغية قاتلة بنسبة تصل إلى 70%.
وأشارت دراسة حديثة إلى أن الصداع النصفي، الذي يصيب ملايين الشباب، قد يشكل عامل خطر غير تقليدي لكنه قوي، ما يجعل المصابين به أكثر عرضة للإصابة بسكتة دماغية مميتة.
الصداع النصفي: دراسة حديثة
الدراسة التي أجراها باحثون فنلنديون، استندت إلى تحليل بيانات صحية لأكثر من 1000 شخص بالغ تحت سن الخمسين، وبيّنت أن المصابين بالصداع النصفي لديهم خطر متزايد بنسبة 70% للإصابة بسكتة دماغية، مقارنة بمن لا يعانون من هذه الحالة.
رغم أن الصداع النصفي، والذي يُقدّر عدد المصابين به في المملكة المتحدة بنحو 10 ملايين شخص، لا يُصنف تقليديًا كأحد عوامل الخطر المعروفة للسكتات الدماغية، إلا أن هذه الدراسة تسلط الضوء على ضرورة إعادة النظر في هذا التصنيف.
دعا الباحثون، على ضوء نتائجهم، الأطباء إلى أخذ تاريخ الصداع النصفي بعين الاعتبار عند تقييم احتمالات السكتة الدماغية لدى المرضى، لا سيما في ظل ارتفاع حالات السكتات الدماغية بين الشباب خلال السنوات الأخيرة، وهو اتجاه حيّر الأوساط الطبية.
فقد أظهرت الإحصاءات أن نسبة الإصابة بالسكتات الدماغية لدى الرجال دون سن الـ39 قد ارتفعت بنحو 25% خلال العقدين الماضيين، فيما كانت النسبة لدى النساء في نفس الفئة العمرية أقل بكثير.

اقرأ أيضًا
لماذا تتخلخل أسنان النساء أثناء الحمل؟.. إليكي الأسباب وطرق الوقاية
الصداع النصفي والسكتة الدماغية
في إطار الدراسة، ركز العلماء في مستشفى جامعة هلسنكي على حالات السكتة الدماغية الإقفارية لدى الشباب، وهي النوع الأكثر شيوعًا وتحدث نتيجة انسداد يعيق تدفق الدم إلى الدماغ. وقد أولى الباحثون اهتمامًا خاصًا بالحالات التي لا تعود لأسباب طبية واضحة، كارتفاع ضغط الدم.
ولتحقيق ذلك، قارن الفريق البحثي بين بيانات 523 ناجيًا من سكتة دماغية و523 شخصًا سليمًا من نفس الفئة العمرية. ودرسوا مجموعة من عوامل الخطر، منها التقليدية مثل ارتفاع ضغط الدم، وغير التقليدية مثل الصداع النصفي.
تبين أن العوامل غير التقليدية، وفي مقدمتها الصداع النصفي، مرتبطة بزيادة خطر السكتة الدماغية بنسبة 70%، وهي نسبة تفوق تلك المرتبطة بالعوامل التقليدية التي بلغت 41% فقط.
ورغم أن هذه الأرقام تبدو مرتفعة، إلا أن الباحثين شددوا على أن الخطر الكلي للإصابة بسكتة دماغية لدى الشباب يظل منخفضًا نسبيًا.
ومن أبرز ما رصدته الدراسة، أن الصداع النصفي المصحوب بـ”الهالة” – وهي اضطرابات بصرية تسبق أو ترافق نوبات الصداع – كان شائعًا بشكل خاص بين المرضى الذين يعانون من حالة قلبية تُعرف بـ”الثقبة البيضاوية السالكة”.
وتبين أن 46% من مرضى السكتة الدماغية ممن لديهم هذه الحالة القلبية كانوا يعانون من صداع نصفي مصحوب بهالة، مقارنة بـ23% فقط بين مرضى لا يعانون منها.
وتُعد “الثقبة البيضاوية السالكة” ثقبًا صغيرًا بين حجرتي القلب العلويتين، يوجد عند جميع الأجنة في الرحم، ويُفترض أن يُغلق بعد الولادة، لكنه يظل مفتوحًا لدى نحو 25% من الناس. وبالرغم من أنه غالبًا لا يسبب أضرارًا، إلا أن دراسات سابقة ربطته بزيادة خطر السكتة الدماغية.

وصف الدكتور جوكا بوتالا، الباحث الرئيسي وأخصائي السكتات الدماغية، نتائج الدراسة بأنها “مفاجئة” من حيث قوة العلاقة بين الصداع النصفي والسكتات الدماغية.
وقال: “لقد أدهشنا الدور الذي تلعبه عوامل الخطر غير التقليدية، خاصة الصداع النصفي، في الإصابة بالسكتات الدماغية بين البالغين الأصغر سنًا”.
رغم ذلك، أشار الباحثون إلى أن للدراسة بعض القيود، أهمها أنها قائمة على الملاحظة، ما يعني أنها لا تستطيع إثبات علاقة سببية مباشرة بين الصداع النصفي والسكتة الدماغية. كما أن البيانات استُخلصت من معلومات أدلى بها المرضى بأنفسهم، ولم يتم التحقق منها بشكل مستقل، مما قد يؤثر على دقة النتائج.
وتتماشى هذه الدراسة مع نتائج تحليل أجرته صحيفة “ميل أونلاين” سابقًا هذا العام، أظهر زيادة ملحوظة في معدلات السكتات الدماغية بين الرجال دون سن 39 عامًا بنسبة تقارب الربع على مدار العقدين الماضيين، مقارنة بزيادة ضئيلة لا تتجاوز 1% بين النساء في نفس الفئة العمرية.

السكتة الدماغية
وتُعد السكتة الدماغية من أخطر الحالات الطبية، إذ تؤثر سنويًا على نحو 100,000 شخص في المملكة المتحدة وحدها، ويتسبب العديد منها في إعاقات دائمة.
وتُقدر جمعية السكتة الدماغية البريطانية التكاليف السنوية المرتبطة برعاية وعلاج المرضى بما يزيد عن 4.38 مليار جنيه إسترليني.
وتشمل الأعراض الشائعة للسكتة الدماغية تدلي أحد جانبي الوجه، وعدم القدرة على رفع الذراعين بشكل متوازن، وصعوبات في الكلام أو فهمه.
وتُظهر نتائج هذه الدراسة ضرورة زيادة الوعي بعوامل الخطر غير التقليدية، مثل الصداع النصفي، لما لها من تأثير محتمل في الوقاية من السكتات الدماغية، خاصة بين فئة الشباب.