في خطوة مفاجئة لتهدئة التوترات العسكرية المتصاعدة بين الجارتين النوويتين، أعلنت الهند وباكستان التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار، بوساطة أمريكية مباشرة، بعد أيام من أعنف تصعيد عسكري شهدته المنطقة منذ عقود.

الرئيس الأمريكي يعلن هدنة بين الهند وباكستان

وقال الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: “بعد ليلة طويلة من المحادثات بوساطة الولايات المتحدة، يسرني أن أعلن أن الهند وباكستان قد اتفقتا على وقف إطلاق نار كامل وفوري. أهنئ البلدين على استخدام الحكمة والذكاء الكبير”.

من جانبه، أكد وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، أن الجهود الدبلوماسية المكثفة خلال الـ48 ساعة الماضية شملت اتصالات مباشرة مع كبار المسؤولين من كلا البلدين، من بينهم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ونظيره الباكستاني شهباز شريف، إلى جانب وزراء الخارجية وكبار مسؤولي الأمن والدفاع.

وأوضح روبيو عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا): “يسعدني أن أعلن أن حكومتي الهند وباكستان اتفقتا على وقف فوري لإطلاق النار، وبدء محادثات حول مجموعة واسعة من القضايا في موقع محايد. نشيد بحكمة وحنكة رئيسي الوزراء في اختيار طريق السلام”.

وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ واتفاق الجانبين

وبحسب بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية الهندية، فإن اتفاق وقف إطلاق النار سيدخل حيّز التنفيذ عند الساعة الخامسة مساءً بالتوقيت المحلي، في خطوة تأمل نيودلهي أن تُنهي حالة التوتر الخطير على الحدود المشتركة.

وفي أول رد رسمي من الجانب الباكستاني، قال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية إسحاق دار: “اتفقنا مع الهند على وقف فوري لإطلاق النار. لطالما سعت باكستان إلى تحقيق السلام والأمن في المنطقة دون المساس بسيادتها وسلامة أراضيها”.

وأكدت الهند عبر وزير خارجيتها، فيكرام ميسري، التزامها بوقف شامل لجميع العمليات العسكرية على الأرض وفي الجو والبحر، ابتداءً من الساعة 17:00 بتوقيت الهند (12:30 بتوقيت غرينتش). وأضاف الوزير أن بلاده ستواصل موقفها الحازم ضد الإرهاب بجميع أشكاله.

عودة الأجواء للطبيعة

وفي تطور لافت، أعلنت هيئة مطارات باكستان إعادة فتح المجال الجوي بالكامل أمام كافة الرحلات الجوية، بعد أن تم إغلاقه خلال الأيام الماضية جراء تصاعد الاشتباكات.

وقالت الهيئة في بيان رسمي: “جميع مطارات البلاد جاهزة الآن لاستئناف العمليات الجوية الاعتيادية”.

أسباب التصعيد بين الهند وباكستان

ويأتي هذا الاتفاق بعد أسبوع شهد تصعيدًا غير مسبوق بين البلدين، حيث بدأت الهند سلسلة ضربات جوية استهدفت ما قالت إنه “بنية تحتية للإرهاب” داخل الأراضي الباكستانية، ردًا على هجوم دامٍ استهدف سياحًا هندوسًا في كشمير الهندية، وأدى إلى مقتل 26 شخصًا.

بينما نفت باكستان أي صلة لها بالهجوم، تصاعد التوتر بشكل خطير مع تبادل إطلاق النار والقصف عبر الحدود، واستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ، مما أثار قلق المجتمع الدولي.

خلفية النزاع بين الجارتين النوويتين

ويتنازع البلدان السيادة على إقليم كشمير منذ استقلالهما عن بريطانيا عام 1947. وقد خاضت الهند وباكستان ثلاث حروب كبرى، اثنتان منها بسبب كشمير، إضافة إلى عدة اشتباكات دموية متفرقة.

وتتهم الهند جارتها بدعم جماعات إسلامية متشددة تنشط في الإقليم وتنفذ هجمات داخل الأراضي الهندية، بينما تنفي باكستان هذه الاتهامات، مؤكدة أنها تقدم فقط الدعم المعنوي والسياسي لقضية كشمير.

محادثات سلام وسط تفاؤل حذر

وبينما تُعد هذه الخطوة اختراقًا دبلوماسيًا نادرًا، تبقى الأنظار موجهة إلى يوم الإثنين 12 مايو/أيار، حيث من المقرر أن تستأنف الهند وباكستان محادثات موسعة حول قضايا معلقة، في موقع لم يُكشف عنه بعد، وسط تفاؤل حذر بإمكانية تحقيق انفراجة في العلاقات المتوترة.

رغم الترحيب الواسع بالاتفاق بين الهند وباكستان، إلا أن مراقبين يشيرون إلى أن الطريق نحو سلام دائم لا يزال مليئًا بالعقبات، فالقضايا العالقة، وعلى رأسها النزاع حول كشمير، تتطلب إرادة سياسية حقيقية من الطرفين، وضمانات دولية للحفاظ على الاستقرار.

ويُعد تدخل واشنطن في هذا الملف مؤشرًا على عودة النفوذ الأمريكي في جنوب آسيا، في ظل تنافس جيوسياسي متزايد مع الصين في المنطقة، كما يعكس الاتفاق رغبة إقليمية ودولية في تجنب اندلاع حرب شاملة بين قوتين نوويتين قد تهدد الأمن العالمي برمّته.

ويبقى السؤال الأبرز: هل ستُترجم هذه الهدنة إلى عملية سلام شاملة؟ أم أن الاتفاق مجرد تهدئة مؤقتة تسبق موجة جديدة من التصعيد؟

اقرأ أيضًا:

الهند مقابل باكستان: سباق القوة العسكرية وسط التوترات بين البلدين