كشفت وكالة “الأسوشيتد برس” في تقرير حديث، أن الهجوم المفاجئ الذي شنّته إسرائيل على الأراضي الإيرانية، والمعروف باسم عملية “الأسد الصاعد”، جاء ثمرة سنوات من التخطيط المكثف، وجمْع المعلومات الاستخباراتية، واستخدام متقدم لتقنيات الذكاء الاصطناعي. العملية، التي نُفّذت فجر الجمعة الماضي، استهدفت مواقع عسكرية ومنشآت نووية داخل إيران، وأسفرت عن مقتل عدد من الجنرالات والعلماء النوويين، إضافة إلى تعطيل أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي الإيرانية.

سنوات من التحضير والتخطيط لعملية الأسد الصاعد
بحسب التقرير، فإن التخطيط لعملية “الأسد الصاعد” استغرق أكثر من ثلاث سنوات، وجاء بتنسيق مباشر بين جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد” والجيش الإسرائيلي. وأفادت رئيسة قسم الأبحاث السابقة في الموساد بأن العملية تُعدّ “تتويجًا لسنوات من العمل الدقيق لاستهداف البرنامج النووي الإيراني”.
تعاونت وحدات الموساد مع الجيش لتأمين العتاد اللازم للعملية، وتحديد النقاط الضعيفة في البنية الدفاعية الإيرانية. وذكر ضابط استخبارات سابق أن هذه المعلومات تم جمعها بعد غارات جوية شنتها إسرائيل على مناطق إيرانية في أكتوبر الماضي، والتي ساعدت على كشف ثغرات في أنظمة الدفاع الجوي الإيراني.
تهريب طائرات مسيّرة وتنفيذ عمليات دقيقة
أحد العناصر الأساسية في العملية تمثّل في تهريب طائرات مسيّرة صغيرة إلى داخل الأراضي الإيرانية. ووفقًا للتقرير، قام عملاء الموساد بتهريب هذه الطائرات داخل مركبات مدنية لاستخدامها في ضرب أهداف حساسة من مسافات قريبة، ما ساهم في زيادة دقة الاستهداف وتقليل فرص رصد العملية من قبل الدفاعات الإيرانية.
دور الذكاء الاصطناعي في تحديد الأهداف
واستخدمت إسرائيل تقنيات متقدمة من الذكاء الاصطناعي خلال التحضير للهجوم، حيث قال أحد ضباط الاستخبارات المشاركين في العملية إن الذكاء الاصطناعي استُخدم لتحليل كميات ضخمة من المعلومات، واعتراض الاتصالات، ورصد تحركات كبار القادة الإيرانيين.
اقرأ أيضًا:
45 عامًا من الصراع.. من ثورة طهران إلى الانفجار الكبير بين إسرائيل وإيران
بدأت مرحلة التخطيط التنفيذي للهجوم في أكتوبر الماضي، بعد أن أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أوامر بوضع خطة شاملة للهجوم. ووفقًا للمصادر، كُلّف “الموساد” بإعداد قائمة مستهدفة من القيادات العسكرية الإيرانية، تشمل مواقع عملهم، أنماط تحركهم، وحتى تفاصيل أوقات فراغهم.

كما شمل الاستهداف علماء نوويين إيرانيين وكبار مسؤولي الحرس الثوري، حيث تم تتبعهم بدقة لتسهيل ضربهم أثناء العملية.
خلفية استخباراتية طويلة
العملية ليست الأولى من نوعها ضمن سلسلة استهدافات إسرائيلية للبرنامج النووي الإيراني. فمنذ مطلع الألفية، بدأ “الموساد” تنفيذ عمليات نوعية في هذا الإطار. وكانت أبرز هذه العمليات استخدام فيروس “ستاكسنت” في تعطيل أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، وهو الفيروس الذي يُعتقد أنه من تطوير مشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة.
وفي عام 2018، تمكنت إسرائيل من سرقة أرشيف نووي إيراني يحتوي على معلومات حساسة، ما مثّل نقلة نوعية في فهم وتقييم تطور البرنامج النووي الإيراني.
جدير بالذكر فإن عملية “الأسد الصاعد” تمثل تصعيدًا كبيرًا في الصراع الإسرائيلي–الإيراني، وتعكس نقلة في الأسلوب الإسرائيلي المعتمد على التكنولوجيا المتقدمة، والعمل الاستخباراتي طويل الأمد، والتنفيذ الدقيق باستخدام أدوات هجومية حديثة كالطائرات المسيّرة والذكاء الاصطناعي. ويبقى السؤال المطروح: كيف سترد إيران، وما هي تداعيات هذا التصعيد على المنطقة؟