كشف فريق من العلماء الأميركيين عن دراسة هي الأولى من نوعها تُظهر أن دماغ المرأة الحامل يخضع لتغيرات بنيوية واضحة تستمر أحيانًا حتى ما بعد الولادة، وتركز الدراسة على كيفية إعادة تنظيم الدماغ استجابة للتغيرات الهرمونية والفسيولوجية التي يسببها الحمل، مما يفتح الباب لفهم أعمق لبيولوجيا الأمومة.

رصد التغيرات من قبل الحمل وحتى بعد عامين من الولادة
اعتمدت الدراسة على 26 عملية تصوير بالرنين المغناطيسي أجريت لامرأة واحدة قبل الحمل بثلاثة أسابيع، ثم خلال كامل فترة الحمل، وامتدت المتابعة إلى عامين بعد الولادة، هذه الحالة الفريدة تخص العالمة إليزابيث كراستيل، خبيرة علم الأعصاب الإدراكي بجامعة كاليفورنيا، والتي أصبحت أمًا لأول مرة أثناء مشاركتها في إعداد الدراسة.
المادة الرمادية تنكمش والمادة البيضاء تتحسن
أظهرت النتائج أن:
-
المادة الرمادية في الدماغ، التي تتكون من أجسام الخلايا العصبية وتُعد مسؤولة عن التفكير واتخاذ القرار، انكمشت بنسبة 4% تقريبًا في 80% من المناطق التي تمت دراستها.
-
في المقابل، شهدت المادة البيضاء، وهي المسؤولة عن نقل الإشارات العصبية، زيادة في جودة بنيتها المجهرية بنسبة 10%، بلغت ذروتها في الثلث الثاني والثالث من الحمل، لكنها عادت لمستواها الطبيعي بعد الولادة.
دور الهرمونات في التغيرات الدماغية
تزامنت التغيرات مع ارتفاع مستويات هرموني الإستروجين (الإستراديول) والبروجسترون، وهو ما يشير إلى ارتباط وثيق بين التغيرات الهرمونية أثناء الحمل والتغيرات العصبية في الدماغ.
لكن الفريق البحثي أشار إلى أن فقدان المادة الرمادية ليس بالضرورة أمرًا سلبيًا، بل قد يُشير إلى “ضبط دقيق” للشبكات العصبية، على غرار ما يحدث خلال فترة المراهقة.
اقرأ أيضًا
تألقي بشفاه ناعمة ومشرقة مع وصفة منزلية لملمّع طبيعي خالٍ من المواد الكيميائية
إشراف علمي وأهداف مستقبلية
تأتي الدراسة ضمن مشروع الدماغ الأمومي، وهي مبادرة علمية جارية تهدف إلى فهم التغيرات العصبية لدى النساء أثناء الحمل، وتسعى إلى توسيع العينة لتشمل مئات النساء.
وقالت الباحثة إيميلي جاكوبس من جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، والمشاركة في إعداد الدراسة المنشورة في مجلة Nature Neuroscience: “أخيرًا أصبحنا قادرين على مراقبة الدماغ في الوقت الفعلي أثناء الحمل، وليس فقط من خلال المقارنات قبل وبعد”.
ما بعد الولادة.. أسئلة أكثر من الأجوبة
رغم الدقة العلمية في النتائج، تؤكد الباحثة كراستيل أن الدراسة “تفتح الباب أمام أسئلة أكثر مما تجيب عليها”، مضيفة أنها لم تشعر شخصيًا بأي تغير ملحوظ رغم التغيرات الدماغية التي كشفتها الصور.
ويقول فريق البحث إنهم يأملون في أن تساهم هذه النتائج لاحقًا في فهم ظواهر مثل اكتئاب ما بعد الولادة، أو تأثير تسمم الحمل على الدماغ، مما قد يساعد على تحسين الدعم النفسي والطبي للأمهات.
التغيرات العقلية أثناء الحمل.. هل هي حقيقية؟
رغم شيوع تعبير “دماغ الأم” في الثقافة الشعبية، تشير كراستيل إلى أنها لم تشهد أي أعراض واضحة مثل “الغموض العقلي” أو النسيان، لكنها تعترف بأن النتائج العلمية تروي قصة مختلفة تمامًا عن شعورها الذاتي.