شهد الجنوب اللبناني تصعيداً عسكرياً جديداً، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي، الجمعة، تنفيذ غارات جوية استهدفت موقعاً عسكرياً تابعاً لحزب الله في منطقة سلسلة جبال بوفورت، جنوبي لبنان.
إسرائيل تستهدف مواقع لحزب الله جنوب لبنان
ووفقاً لبيان صادر عن جيش الاحتلال، فإن الغارات الجوية دمرت بالكامل منشأة يستخدمها الحزب في إدارة منظومات نارية ودفاعية، ضمن مشروع بنية تحتية تحت الأرض. وأضاف البيان أن الموقع كان قد شهد محاولات لإعادة التأهيل خلال الفترة الماضية، وهو ما اعتبرته إسرائيل “انتهاكاً صارخاً للتفاهمات القائمة مع لبنان”، متوعدة بمواصلة استهداف ما وصفته بـ”البنى التحتية الإرهابية”.

في المقابل، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن إصابة مواطن بجروح خطيرة نتيجة القصف الإسرائيلي على المنطقة، فيما أفادت مصادر محلية أن الطائرات الحربية استهدفت مناطق مدنية وأخرى محاذية للحدود اللبنانية الجنوبية.
تل أبيب تتوغل بالحدود اللبنانية
وتزامناً مع الغارات، دخلت دورية آلية إسرائيلية صباح الخميس إلى قرية حولا الحدودية، حيث أكد شهود عيان أن القوات الإسرائيلية قامت بزرع ألغام داخل منزل يُعتقد أنه يعود لأحد عناصر حزب الله، قبل أن تقدم على تفجيره لاحقاً.
هذا التصعيد ليس الأول من نوعه خلال الشهر الجاري؛ ففي 23 يونيو، شن سلاح الجو للاحتلال سلسلة من الغارات طالت أكثر من 12 بلدة جنوبية، وتركزت الضربات على منشآت عسكرية ومخازن أسلحة ومنصات إطلاق صواريخ شمال نهر الليطاني، بحسب ما ذكرته قيادة الجيش الإسرائيلي.
انتهاكات إسرائيلية لوقف إطلاق النار
ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيّز التنفيذ في 27 نوفمبر الماضي، تواصل تل أبيب تنفيذ عمليات عسكرية في جنوب لبنان، وشرق البلاد، وحتى في الضاحية الجنوبية لبيروت. كما لا تزال القوات الإسرائيلية متواجدة في خمس نقاط حدودية داخل الأراضي اللبنانية، بحسب مصادر أمنية.
وبحسب تقرير صادر عن وزارة الداخلية اللبنانية، فقد أسفرت الهجمات الإسرائيلية منذ بدء تنفيذ وقف إطلاق النار عن مقتل ما لا يقل عن 190 شخصاً وإصابة 485 آخرين بجروح متفاوتة.
من جهة أخرى، قدمت وزارة الخارجية اللبنانية طلباً رسمياً إلى الأمم المتحدة لتمديد مهمة قوة الطوارئ الدولية (اليونيفيل) العاملة في الجنوب اللبناني، والتي ينتهي تفويضها في أغسطس المقبل.
اقرأ أيضًا:
حصيلة المواجهة الإيرانية-الإسرائيلية بالأرقام بعد وقف إطلاق النار
وفي السياق ذاته، شدد الرئيس اللبناني جوزيف عون، خلال استقباله وفداً عسكرياً بريطانياً رفيع المستوى، على “أهمية التمديد لقوات اليونيفيل”، مشيراً إلى أنها تمثل “ركيزة أساسية للحفاظ على الاستقرار والأمن على الحدود الجنوبية”.
وأكد عون أن الجيش اللبناني ملتزم بتطبيق قرار الدولة القاضي بحصرية السلاح في منطقة جنوب الليطاني، وأنه قام فعلياً بإزالة جميع المظاهر المسلحة في المناطق التي ينتشر فيها.
الجنوب اللبناني مجدداً في قلب التوتر الإقليمي
يعكس التصعيد الأخير بين تل أبيب و”حزب الله” هشاشة التفاهمات الميدانية القائمة جنوب لبنان، رغم الاتفاق المعلن لوقف إطلاق النار. فاستمرار الضربات الجوية، والوجود العسكري الإسرائيلي في نقاط داخل الأراضي اللبنانية، يؤشر إلى احتمالية انفجار الوضع في أي لحظة، لا سيما في ظل غياب تقدم سياسي واضح أو مسارات تفاوضية فاعلة.
في المقابل، يجد لبنان نفسه في وضع معقد، بين رغبته في الحفاظ على السيادة، والتزاماته الدولية، وبين واقع التوازنات المسلحة التي يفرضها “حزب الله” على الأرض. أما “اليونيفيل”، التي تنظر إليها بيروت كصمام أمان، فقد تواجه تحدياً حقيقياً في تجديد مهمتها في أغسطس المقبل، وسط ضغط دولي متزايد لتعديل قواعد اشتباكها أو تقليص وجودها.
الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد وجهة الجنوب اللبناني: بين العودة إلى الاستقرار النسبي، أو الانزلاق نحو جولة جديدة من المواجهات، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمات اقتصادية وسياسية متراكمة.