أطلق وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، تحذيرًا صريحًا من تزايد الخطر الروسي، مشددًا على أن التهديد لم يعد يقتصر على أوكرانيا فقط، بل أصبح يمسّ بشكل مباشر أمن ألمانيا وسلامة شعبها، وفي تصريح لافت لمجموعة “فونكه” الإعلامية، قال فاديفول، المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي: “روسيا لا تكتفي بزعزعة استقرار دول الجوار، بل تهدد بشكل مباشر حياتنا في سلام وحرية هنا في ألمانيا”.
وأشار الوزير إلى أن الحرب الروسية المستمرة ضد أوكرانيا تمثل التهديد الأكبر للأمن الأوروبي، مؤكدًا أن هذه القضية تظل أولوية قصوى في أجندة السياسة الخارجية الألمانية.

دعم مطلق لقرارات الناتو: زيادة الإنفاق الدفاعي ضرورة لا رفاهية
وأشاد فاديفول بمخرجات قمة الناتو الأخيرة في لاهاي، والتي شهدت موافقة الدول الأعضاء على رفع سقف الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، معتبرًا ذلك “قرارًا صائبًا وضروريًا في ظل التحديات الراهنة”.
وأوضح الوزير أن التحالف العسكري الغربي بحاجة إلى تعزيز قدراته الدفاعية، ليس فقط كوسيلة ردع، بل كخطوة استباقية لحماية الدول الأعضاء من أي مغامرات روسية مستقبلية، مشددًا على أن ضعف الموقف الأوروبي سيشجع موسكو على التصعيد.
وتابع فاديفول بأن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يتبع استراتيجية استنزاف معنويات الأوكرانيين عبر تنفيذ هجمات عشوائية تستهدف المدنيين والبنية التحتية، معتبرًا أن “حرية أوكرانيا هي المعيار الأهم لصمود أوروبا في وجه التوسع الروسي”.
دعوات للحوار ومخاوف من التصعيد
في المقابل، عبّر عدد من كبار الساسة داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أحد شركاء الحكم، عن رفضهم المتزايد لنهج التصعيد العسكري، ومن أبرزهم رولف موتسنيش، زعيم الكتلة البرلمانية السابق، ونوربرت فالتر-بوريانس، الزعيم السابق للحزب، ورالف شتيجنر، خبير شؤون السياسة الخارجية، حيث أصدروا بيانًا مشتركًا انتقدوا فيه ما وصفوه بـ”خطاب الإنذار العسكري وبرامج التسلح غير المسبوقة”.
ودعا هؤلاء السياسيون إلى العودة لمسار الدبلوماسية والمحادثات المباشرة مع موسكو، محذرين من أن التركيز فقط على الحلول العسكرية قد يزيد من تعقيد الوضع الأمني ويُفقد ألمانيا موقعها كقوة داعية للسلام على المستوى الأوروبي والعالمي.
اقرأ أيضًا
جروسي: إيران قادرة على استئناف تخصيب اليورانيوم خلال أشهر
موقف حازم من قيادة الحزب
في المقابل، رفض لارس كلينجبايل، زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحالي ونائب المستشار الألماني، بشدة أي تغيير في موقف الحكومة تجاه روسيا، وخلال كلمته في المؤتمر العام للحزب، قال كلينجبايل: “يجب علينا بذل أقصى الجهود لحماية ألمانيا والدول الأوروبية من التهديد الروسي، ولا يمكننا الوثوق بنوايا بوتين”.
وشدد على أن سياسة الردع والجاهزية العسكرية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن القومي في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا وتزايد نفوذ روسيا في مناطق عدة من العالم.
توازن هش وسط تحديات أمنية متزايدة
يُذكر أن الحكومة الألمانية الحالية تُدار من قبل ائتلاف موسّع يضم التحالف المسيحي، المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي بزعامة المستشار فريدريش ميرتس، والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، إلى جانب الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ويظهر من خلال المواقف الأخيرة وجود تباينات داخلية متصاعدة، خاصة في ملفات السياسة الدفاعية والعلاقات مع روسيا، وهو ما يُلقي بظلاله على وحدة الصف داخل الائتلاف الحاكم.ش