في خطوة تشريعية بارزة، أقرّ مجلس النواب الأمريكي، بقيادة الأغلبية الجمهورية، مشروع قانون واسع النطاق يشمل تخفيضات ضريبية مؤقتة وزيادات كبيرة في الإنفاق العسكري والهجرة، مقابل اقتطاعات حادة في برامج الرعاية الاجتماعية، في ما يُعدّ أول انتصار تشريعي كبير للرئيس دونالد ترامب، منذ عودة حزبه للسيطرة على الكونغرس.

تمرير صعب وسط انقسامات حزبية وضغوط سياسية
مرّر المجلس مشروع القانون بأغلبية ضئيلة بلغت 218 صوتًا مقابل 214، عشية الرابع من يوليو، الموعد النهائي الذي حدده ترامب، ورغم الأغلبية الجمهورية، كاد المشروع أن يفشل نتيجة معارضة داخلية من جناح الحزب المحافظ، الذي عبّر عن مخاوف تتعلق بالعجز المالي والتخفيضات في برنامج “ميديكيد”.
من بين أبرز المعارضين الجمهوريين، النائبان توماس ماسي وبرايان فيتزباتريك، اللذان شكّكا في توازن المشروع، إلا أن تدخل ترامب، إلى جانب رئيس مجلس النواب مايك جونسون، كان حاسمًا، حيث أجريا اتصالات مطولة بالمشرعين حتى ساعات الفجر.
تفاصيل الحزمة: خفض ضرائب وزيادة إنفاق على الجيش والهجرة
يتألف مشروع القانون من 887 صفحة، ويشمل تمديدًا لتخفيضات ضريبية أقرت عام 2017، وخفضًا مؤقتًا للضرائب على الإكراميات والعمل الإضافي، في المقابل، يتضمن إنفاقًا ضخمًا على:
-
الجيش الأمريكي
-
خطط ترحيل المهاجرين غير الشرعيين
أما تمويل هذه الحزمة، فسيأتي عبر اقتطاعات اجتماعية كبرى، تشمل:
-
خفض 930 مليار دولار من برنامج “ميديكيد”
-
تقليص مساعدات الغذاء والطاقة النظيفة
وهو ما أثار جدلاً واسعًا، خصوصًا بعد أن كان ترامب قد وعد سابقًا بعدم المساس بـ”ميديكيد”.
الدين الوطني يرتفع بمقدار 3.3 تريليون دولار
حسب تقرير مكتب الميزانية في الكونغرس، سيؤدي التشريع إلى زيادة الدين الوطني بنحو 3.3 تريليون دولار خلال عشر سنوات، نتيجة خسائر إيرادات تُقدّر بـ4.5 تريليون دولار، مقابل تخفيضات إنفاق لا تتجاوز 1.2 تريليون.
كما يتضمن المشروع رفع سقف الدين الوطني بمقدار 5 تريليونات دولار، ما أثار اعتراضات شديدة من الديمقراطيين وحتى بعض الجمهوريين الذين وصفوا التشريع بأنه يفتقر إلى التوازن المالي.
ترامب يحتفل: “مشروع قانون كبير وجميل”
احتفل الرئيس دونالد ترامب بتمرير المشروع، وكتب على منصته “تروث سوشيال”: “الجمهوريون أقروا للتو مشروع القانون الجميل والكبير، حزبنا موحّد أكثر من أي وقت مضى.”
وأشاد رئيس مجلس النواب مايك جونسون بالدور القيادي لترامب، مؤكدًا أنه كان حاضرًا في كل تفاصيل العملية، من خلال اجتماعات واتصالات مباشرة مع المشرعين، وحتى من خلال ضغوط سياسية غير مباشرة على المعارضين.
اقرأ أيضًا
«تسليم 28 رهينة إسرائيلية» إسرائيل تكشف تفاصيل مقترح وقف إطلاق النار في غزة
تهديدات انتخابية ومعارك داخلية بين الجمهوريين
شهدت الأيام الأخيرة من النقاشات خلافات حادة داخل الحزب الجمهوري، حيث أعرب عدد من النواب عن قلقهم من آثار اقتطاعات “ميديكيد”، النائب توماس ماسي صرّح بأنه تعرض لتهديد سياسي بدعم منافس له في الانتخابات التمهيدية.
وقال ماسي: “إنهم يهاجمونني لإرسال رسالة إلى الآخرين: من يعارض ترامب يدفع الثمن.”
في المقابل، نفى ترامب تقديم أي وعود للمشرعين المترددين، مؤكدًا أنه أقنعهم فقط بجودة التشريع.
معارضة ديمقراطية موحّدة وتحذيرات من آثار اجتماعية خطيرة
صوّت جميع الديمقراطيين ضد مشروع القانون، واعتبروا أنه يضرب الأسس الاجتماعية التي يعتمد عليها ملايين الأمريكيين، ووصف زعيم الأقلية في مجلس النواب، حكيم جيفريز، المشروع بأنه: “قانون قبيح وبغيض، يُقصي ملايين المواطنين من الرعاية الصحية والطوابع الغذائية.”
وأكد جيفريز في خطاب استمر ثماني ساعات أن الديمقراطيين سيجعلون من هذا المشروع قضية محورية في الانتخابات المقبلة، مستندين إلى استطلاعات رأي تُظهر معارضة شعبية واسعة للتشريع.
مشروع اقتصادي ضخم يشعل الجدل السياسي في أمريكا
بين تأييد جمهوري ورفض ديمقراطي، يظل مشروع القانون الجديد نقطة تحول بارزة في سياسات ترامب وحزبه، ويمهد الطريق لمعارك انتخابية محتدمة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية القادمة، خاصة في ظل تصاعد القلق الشعبي من آثار اقتصادية واجتماعية قد تُرافق تنفيذ هذه الحزمة المثيرة للجدل.