تلقت شركة آبل الأميركية ضربة قانونية موجعة، بعد أن رفض قاضٍ فيدرالي في الولايات المتحدة طلب الشركة بإسقاط دعوى مكافحة احتكار تتهمها بتقييد المنافسة في سوق الهواتف الذكية، عبر ممارسات تعتمد على ما يُعرف بـ”الحديقة المغلقة”، وهو ما يُعد تصعيدًا كبيرًا في المواجهة القضائية التي قد تُعيد تشكيل الطريقة التي تعمل بها الشركة، ليس فقط محليًا، بل على مستوى العالم.
وتتهم وزارة العدل الأميركية شركة آبل بانتهاج سياسة تجعل أجهزتها – مثل آيفون وآيباد – تعمل بسلاسة فقط داخل نظامها البيئي، مما يصعّب على المستخدمين التبديل إلى أجهزة أو خدمات منافسة، ويمنح الشركة هيمنة شبه مطلقة على تجربة المستخدم.
قيود على التطبيقات والرسائل والدفع
تشير تفاصيل الدعوى إلى أن آبل تعرقل استخدام تطبيقات وخدمات من شركات أخرى مثل جوجل أو مزودي خدمات الدفع الإلكتروني، كما تفرض قيودًا صارمة على الرسائل بين أجهزة آيفون وهواتف أندرويد، ما يحدّ من توافقية الخدمات، ويخلق حواجز مصطنعة أمام المستخدمين.
وتؤكد الحكومة الأميركية أن آبل تستخدم iMessage كنموذج على ذلك، حيث لا يتم دعم المراسلة بنفس الجودة مع أجهزة أندرويد، وهو ما يُبقي المستخدمين داخل نظام آبل بشكل قسري. كما تُفرض قيود على خيارات الدفع وطرق الاشتراك بالتطبيقات، وهو ما يُؤثر على حرية المستهلك والمطور على حد سواء.
آبل تدافع… والمحكمة ترفض
من جهتها، نفت آبل الاتهامات، معتبرة أن الدعوى لا تُثبت ضررًا مباشرًا على المستهلك أو المطور، بل تهدد مبادئ الابتكار التي تميز منتجات الشركة. وأشارت إلى أن فتح نظامها البيئي قد يُعرّض المستخدمين لمخاطر أمنية ويضعف تجربة الاستخدام المتكاملة التي تُعرف بها الشركة.
رغم ذلك، رأى القاضي الفيدرالي أن الأدلة المقدمة كافية للسماح بمواصلة القضية، وحدد موعدًا مبدئيًا للمحاكمة قد يمتد حتى عام 2027، ما يعني سنوات من التحقيقات والتدقيق القضائي في ممارسات واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم.
تداعيات محتملة على السوق العالمي
القضية لا تقتصر آثارها على السوق الأميركي، إذ أن أي حكم يلزم آبل بفتح نظامها البيئي قد يُجبرها على تغيير سياساتها عالميًا، مما يتيح للمستخدمين الوصول إلى تطبيقات وخدمات خارجية بحرية أكبر، مثل أنظمة الدفع المحلية، أو نقل الملفات بسلاسة من آيفون إلى أجهزة أندرويد والعكس.
كما قد تُجبر الشركة على خفض النسبة التي تحصل عليها من أرباح المطورين، وهو ما قد ينعكس على أسعار التطبيقات والخدمات لصالح المستهلك.
وتأتي هذه القضية في وقت تتصاعد فيه الدعوات حول العالم لكبح جماح شركات التكنولوجيا الكبرى، وفرض تشريعات أكثر صرامة تحمي المستهلك من الممارسات الاحتكارية. ويرى مراقبون أن القضية المرفوعة ضد آبل قد تُعيد تعريف العلاقة بين الشركات العملاقة والمستخدمين والمطورين، وتُغيّر ملامح سوق الهواتف الذكية كما نعرفه اليوم.
تابع ايضًا..أزمة في الجامعات.. الذكاء الاصطناعي وسيلة للراحة أم قاتل للإبداع ؟