أعلنت وزارة الداخلية التركية، مساء الاثنين، إقالة رئيس بلدية أنطاليا، محيي الدين بوتشيك، المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، وهو حزب المعارضة الرئيسي في البلاد، وذلك في أعقاب اعتقاله ضمن تحقيقات مستمرة في ملفات فساد.
ويأتي هذا القرار وسط تصاعد الضغوط القضائية التي تواجهها المعارضة التركية، وتحديدًا رؤساء البلديات التابعين لحزب الشعب الجمهوري، الذين باتوا في مرمى الاستهداف القضائي بشكل لافت خلال الأشهر الأخيرة.

الاعتقال على خلفية تحقيقات فساد
وبحسب بيان وزارة الداخلية، فإن بوتشيك أُقيل من منصبه بعد اعتقاله يوم السبت الماضي، برفقة اثنين آخرين من رؤساء البلديات المنتمين لنفس الحزب، وذلك في إطار تحقيق قضائي يجري حول مزاعم فساد إداري ومالي.
ولم تكشف السلطات القضائية بعد عن تفاصيل دقيقة بشأن التهم الموجهة، لكن البيان أوضح أن التحقيقات “ما زالت مستمرة” وأن الإجراءات تأتي في إطار “محاربة الفساد داخل الإدارات المحلية”.
حزب الشعب الجمهوري في مرمى القضاء
ويُعد بوتشيك من الشخصيات البارزة في حزب الشعب الجمهوري، الذي حقق نتائج قوية في الانتخابات المحلية التي أُجريت العام الماضي، حيث فاز برئاسة عدد من البلديات الكبرى، أبرزها إسطنبول وأنقرة وإزمير.
ومع تصاعد التوتر السياسي في البلاد، تؤكد تقارير أن ما لا يقل عن 15 رئيس بلدية تابعين للحزب يقبعون حالياً في الحبس الاحتياطي، بينهم شخصيات معروفة، مثل أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول والمرشح الرئاسي السابق، الذي تم عزله أيضًا من منصبه في وقت سابق.
المعارضة: الاعتقالات ذات دوافع سياسية
وفي رد فعلها على هذه التطورات، اعتبرت قيادة حزب الشعب الجمهوري أن الاعتقالات والإقالات التي تطال مسؤوليها المحليين تحمل طابعًا سياسيًا، مشيرة إلى أنها تأتي في سياق استهداف المعارضة بعد النتائج الانتخابية التي وصفت بـ”الصفعة” لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
وقال أحد المتحدثين باسم الحزب: “هذه حملة ممنهجة لإفراغ البلديات من قياداتها الشرعية المنتخبة، وفرض وصاية سياسية وقضائية على إرادة الناخبين”.
اقرأ أيضًا
فرنسا: إجلاء السكان بعد اندلاع حريق ضخم قرب ناربو
انتقادات متواصلة لاستقلال القضاء في تركيا
تتعرض السلطة القضائية في تركيا لانتقادات حادة من منظمات حقوقية ومعارضة داخلية وخارجية، وسط اتهامات بأنها أداة بيد السلطة التنفيذية، وتُستخدم في التضييق على المعارضين والصحفيين والنشطاء.
وفي هذا السياق، قال مراقبون دوليون إن ما يجري يُهدد نزاهة العملية الديمقراطية في تركيا، ويثير المخاوف بشأن استقلال القضاء ومبدأ فصل السلطات.
من جهتها، تنفي الحكومة التركية هذه الاتهامات وتؤكد أن القضاء يعمل بشكل مستقل، وأن مكافحة الفساد لا تستثني أحدًا، بغض النظر عن الانتماء السياسي.
خلفية سياسية متوترة قبل الانتخابات المقبلة
تأتي هذه التطورات في وقت يستعد فيه المشهد السياسي التركي لدورة انتخابية جديدة، وسط تصاعد الاستقطاب بين الحكومة والمعارضة، وتراجع في مؤشرات حرية التعبير وحقوق الإنسان، بحسب تقارير دولية.
ويترقب الشارع التركي ما إذا كانت هذه الإجراءات ضد رؤساء البلديات المعارضين ستؤثر على تحالفات المعارضة وفرصها في المنافسة خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.