أصدر مصرف لبنان المركزي، يوم الثلاثاء، تعميمًا رسميًا يمنع بموجبه جميع المؤسسات المالية المرخّصة في البلاد من الدخول في أي نوع من أنواع التعامل المالي أو المصرفي، سواء مباشر أو غير مباشر، مع “مؤسسة القرض الحسن” التابعة لجماعة “حزب الله” اللبنانية، المدعومة من إيران، ويأتي هذا القرار في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية على حزب الله والمؤسسات المرتبطة به، لا سيما من جانب الولايات المتحدة.

التعميم يدخل حيّز التنفيذ فورًا
وبحسب ما نقلته وكالة “رويترز”، فإن التعميم الذي اطّلعت عليه، شدّد على ضرورة امتثال المؤسسات المالية للقواعد الجديدة بشكل فوري، تحت طائلة اتخاذ إجراءات قانونية وتأديبية بحق المخالفين، وأوضح المصرف أن هذه الخطوة تهدف إلى حماية القطاع المالي اللبناني من أي تبعات قانونية أو عقوبات دولية محتملة، في ظل استمرار العقوبات المفروضة على مؤسسات مرتبطة بحزب الله.
“القرض الحسن”: مؤسسة تحت المجهر الأمريكي منذ 2007
تُعد “مؤسسة القرض الحسن” من أقدم المؤسسات المالية التابعة لحزب الله، وقد تأسست عام 1983، وتُعرّف نفسها كـ”منظمة خيرية” تُقدّم قروضًا مالية صغيرة للأفراد، دون فوائد، ضمن منظومة تعتمد على ضمانات شخصية ومجتمعية.
إلا أن وزارة الخزانة الأمريكية كانت قد أدرجتها على لائحة العقوبات عام 2007، متهمة إيّاها بأنها واجهة مالية لحزب الله، تُستخدم كغطاء لإدارة أنشطة مالية مشبوهة وتوفير منفذ للحزب نحو النظام المالي الدولي، في انتهاك للعقوبات الدولية المفروضة على الجماعة.
استهداف عسكري سابق من قبل إسرائيل
في سياق التصعيد العسكري، كانت إسرائيل قد استهدفت فروعًا لمؤسسة القرض الحسن خلال حربها مع حزب الله في عام 2023، حيث اعتبرتها جزءًا من البنية التحتية المالية للحزب، وقد رأت إسرائيل أن استهداف هذه المؤسسة يُشكّل ضربة اقتصادية وتنظيمية للجماعة، التي تعتمد بشكل كبير على شبكات مالية ومصرفية موازية.
اقرأ أيضًا
خلاف حاد داخل إسرائيل حول “المدينة الإنسانية” في رفح: المؤسسة العسكرية تُعارض ونتنياهو يتمسك بالخطة
شبكة واسعة من الفروع والمستفيدين
تُشغّل “القرض الحسن” حاليًا أكثر من 30 فرعًا داخل الأراضي اللبنانية، معظمها في مناطق ذات أغلبية شيعية مثل بيروت الجنوبية، الجنوب اللبناني، وسهل البقاع، وتخدم المؤسسة عشرات آلاف اللبنانيين الذين يعتمدون على قروضها لتسيير شؤونهم الحياتية، وهو ما يمنحها نفوذًا اجتماعيًا واقتصاديًا كبيرًا في هذه المناطق.
ومع أن المؤسسة تعمل بموجب ترخيص رسمي من الحكومة اللبنانية، إلا أن تحركاتها تثير جدلًا داخليًا ودوليًا، نظرًا لعلاقتها الوثيقة بحزب الله، وتأثيرها المحتمل على الاقتصاد الموازي في البلاد.
انعكاسات محتملة على الواقع المالي والسياسي
قرار مصرف لبنان يأتي في توقيت حساس تمر به البلاد، حيث يعاني الاقتصاد اللبناني من انهيار مالي واسع النطاق، وتواجه الدولة ضغوطًا دولية لتنظيم القطاع المصرفي ومنع تمويل الجماعات المسلحة.
ويرى مراقبون أن هذا القرار قد يمهّد لتوسيع دائرة الإجراءات ضد مؤسسات مشابهة، كما قد يُشعل توترًا سياسيًا داخليًا بين التيارات المؤيدة لحزب الله وتلك الداعية إلى فك ارتباط الدولة بأي جهة تخضع لعقوبات خارجية.ش