يضغط قادة أفريقيا لتسريع وتيرة تنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، في ظل المخاوف المتزايدة من تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية، التي تصل في بعض الحالات إلى 50%، مثل الرسوم المفروضة على ليسوتو. ويرى مراقبون أن هذه السياسات قد تهدد قطاعات اقتصادية كاملة وتؤثر سلباً على النمو في القارة.
تضم اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، التي تم إطلاقها رسمياً عام 2021، 49 دولة تهدف إلى توحيد 1.4 مليار نسمة في سوق واحدة. لكن، ورغم مرور ما يقارب أربع سنوات، فإن أقل من نصف الدول الأعضاء تستفيد فعلياً من هذا الإطار التجاري، وفقاً لتقرير نشرته وكالة «رويترز».
مؤشرات النمو وتوقعات البنك الدولي
تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن الاتفاقية قادرة على رفع حجم التجارة البينية بين الدول الأفريقية بنسبة تصل إلى 81%، إذا تم تنفيذها بالكامل. كما أظهرت بيانات البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد (أفريكسيم بنك) ارتفاع حجم التجارة البينية بنسبة 12.4% في عام 2024، ليصل إلى 208 مليارات دولار. ويرى مؤيدو الاتفاق أن هذا النمو يمثل مؤشراً مبكراً على نجاح المبادرة.
وامكيلي ميني، الأمين العام لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، شدد في تصريحاته لـ«رويترز» على أهمية الإسراع في تأسيس سلاسل القيمة داخل القارة، قائلاً: «ما نشهده حالياً من تسليح للسياسات التجارية والاستثمارية أمر غير مسبوق، وله تأثير بالغ السلبية على النظام التجاري متعدد الأطراف… الدرس الأهم الآن هو أننا وحدنا كقارة».
أفريقيا تواجهتحديات متزايدة مع عودة ترامب
عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير 2025 وضعت العلاقات التجارية تحت المجهر. ويرى الخبراء أن سياسات الرسوم العقابية المتصاعدة قد تؤدي إلى قلب موازين العولمة وإعادة رسم خريطة تدفق السلع ورؤوس الأموال حول العالم.
وفي هذا السياق، يشارك مسؤولون ماليون من مجموعة العشرين في اجتماع يُعقد هذا الأسبوع بمدينة دربان بجنوب أفريقيا، حيث تتصدر قضايا التجارة جدول أعمالهم.
عقبات اقتصادية وهيكلية
ورغم الحاجة الملحة إلى تعزيز التجارة داخل أفريقيا، لا تزال العقبات الهيكلية تعرقل سرعة تنفيذ الاتفاقية. يبلغ إجمالي الناتج المحلي لدول الاتحاد الأفريقي مجتمعة نحو ثلاثة تريليونات دولار، وهو ما لا يتجاوز كثيراً حجم اقتصاد فرنسا منفردة، التي تعد عضواً في مجموعة السبع الصناعية الكبرى.
ووفقاً لميني، هناك 24 دولة فقط تطبق حالياً التبادل التجاري الرسمي ضمن إطار الاتفاقية، من بينها دول كبرى مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا.
رحيمة باركر، الخبيرة الاقتصادية لدى «أكسفورد إيكونوميكس»، أوضحت أن تنفيذ الاتفاق يختلف بين دولة وأخرى بسبب عوامل مثل ضعف الحوكمة، إضافة إلى التعقيدات الناتجة عن التجارة غير الرسمية. وأضافت: «هذه التحديات واضحة بشكل خاص في الاقتصادات الصغيرة جنوب الصحراء الكبرى، التي غالباً ما تكون أكثر هشاشة أمام الصدمات الخارجية وتفتقر إلى القدرات الإدارية والمالية».
مشكلات البنية التحتية والعملة
يؤكد ميني أن الافتقار إلى بنية تحتية متطورة يُعد العائق الأكبر أمام نمو التجارة البينية في القارة. وتشمل التحديات الأخرى التأخيرات الجمركية والإجراءات الورقية المعقدة على الحدود، والتي تعيق انسيابية التجارة.
كما تمثل مسألة عملة التداول تحدياً بارزاً، حيث يتم تنفيذ نحو ثلثي المدفوعات في أكثر من 40 عملة أفريقية عبر التحويل إلى الدولار. ودعا «أفريكسيم بنك» إلى تقليل الاعتماد على الدولار بسبب تقلبات أسعار الصرف والرسوم المرتفعة المرتبطة به.
تابع ايضًا…إسرائيل تواجه خطر إغلاق ميناء إيلات بسبب ديون متراكمة وتراجع الإيرادات