كشفت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يضغط بقوة من أجل فرض رسوم جمركية تتراوح بين 15 و20% على الأقل في أي اتفاق يتم التوصل إليه مع الاتحاد الأوروبي، في إطار سعيه لتحقيق شروط أكثر صرامة في التبادل التجاري بين الجانبين.

إدارة الرئيس الأمريكي لم تقتنع بالعرض
ووفقاً لمصادر نقلت عنها الصحيفة دون الكشف عن هويتها، فإن إدارة الرئيس الأمريكي لم تقتنع بالعرض الأخير المقدم من بروكسل، والذي تضمن تخفيض الرسوم الجمركية على السيارات الأوروبية، بل تصر واشنطن على الإبقاء على رسم جمركي بنسبة 25% على قطاع السيارات كما هو مقرر، مما يعكس موقفاً متشدداً من البيت الأبيض تجاه واحدة من أكثر الصناعات حساسية في أوروبا.
اقرأ أيضًا
إسرائيل تواجه خطر إغلاق ميناء إيلات بسبب ديون متراكمة وتراجع الإيرادات
إدارة ترامب تبحث عن “معدل رسم متبادل” يفوق 10%
وذكرت الصحيفة أن الإدارة الأميركية تدرس حالياً تطبيق معدل رسم “متبادل” يتجاوز 10% حتى في حال التوصل إلى اتفاق شامل مع الاتحاد الأوروبي. ويعني ذلك أن واشنطن لن تتراجع عن فرض رسوم مرتفعة حتى تحصل على ما تعتبره “معاملة عادلة” من الطرف الأوروبي في ما يتعلق بالميزان التجاري.
هذا الموقف يعكس استمرار نهج ترامب القائم على مبدأ “أميركا أولاً”، والذي غالباً ما ترجم إلى تصعيد في السياسات الحمائية، خصوصاً في العلاقة مع الشركاء التجاريين الكبار للولايات المتحدة مثل الصين والاتحاد الأوروبي.
أوروبا تحضّر قائمة انتقامية تشمل الطائرات والسيارات والخدمات
في المقابل، أفادت “فاينانشال تايمز” بأن المفوضية الأوروبية بدأت بوضع قائمة إجراءات جمركية انتقامية محتملة، استعداداً لأي فشل في المحادثات الجارية مع واشنطن. وتشمل القائمة رسوماً على واردات أميركية تغطي طيفاً واسعاً من المنتجات والخدمات، وعلى رأسها طائرات شركة بوينغ، والسيارات الأميركية، إلى جانب مشروبات كحولية معينة.
ومن اللافت أن المفوضية الأوروبية تنظر أيضاً في إمكانية فرض قيود على صادرات الخدمات الأميركية، بما فيها قطاعات حساسة كالتكنولوجيا والاتصالات. وتشير هذه التوجهات إلى أن بروكسل تدرس توسيع ساحة المواجهة التجارية لتشمل قطاعات كانت سابقاً بمنأى عن التصعيد، في حال استمرت الإدارة الأميركية في فرض رسومها المجدولة.
ترامب يلوّح برسوم 30% مطلع أغسطس
ويأتي هذا التصعيد في وقت أعلن فيه ترامب نيته فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على الاتحاد الأوروبي اعتباراً من الأول من أغسطس، في خطوة حذرت منها بروكسل سابقاً، معتبرة أنها قد تؤدي إلى توسيع الحرب التجارية عبر الأطلسي لتشمل مجالات أوسع.
رغم هذه التهديدات، إلا أن المفوضية الأوروبية لم تقدم حتى الآن خطوات تنفيذية واضحة إلى الدول الأعضاء في الاتحاد، ما يعني أن الرد الأوروبي لا يزال في مرحلة التحضير، بانتظار التطورات النهائية في المحادثات مع واشنطن.
مخاوف من اتساع رقعة الحرب التجارية
مع استمرار التصعيد من الجانبين، يتزايد القلق في الأوساط الاقتصادية من أن يؤدي هذا النهج التصادمي إلى توسيع رقعة الحرب التجارية، ما قد يؤثر سلباً على الاستقرار الاقتصادي العالمي، وخصوصاً مع دخول قطاعات جديدة مثل الخدمات والتكنولوجيا ضمن دائرة النزاع.
وتشير التقارير إلى أن القائمة الأوروبية الانتقامية قد تضاف إلى مقترح حالي يستهدف واردات أميركية بقيمة 72 مليار يورو سنوياً، مما ينذر بمواجهة اقتصادية مفتوحة بين اثنين من أكبر الكيانات الاقتصادية في العالم.

في ظل تمسك الرئيس الأمريكي بمواقفه المتشددة، وتلويح أوروبا بخيارات تصعيدية مقابلة، يبدو أن الأفق أمام تسوية قريبة يزداد تعقيداً، ما يُبقي التوتر التجاري بين واشنطن وبروكسل مرشحاً لمزيد من التصعيد خلال الأسابيع المقبلة، ما لم يتم التوصل إلى تفاهمات عاجلة تُرضي الطرفين وتجنّب الاقتصاد العالمي موجة جديدة من عدم اليقين.