رغم أن التهاب الزائدة الدودية يُعد من الحالات الأكثر شيوعًا لدى البالغين، إلا أنه لا يقتصر عليهم فقط، إذ يمكن أن يصيب الأطفال أيضًا، حتى في سن مبكرة جدًا. صحيح أن الإصابة تقل بين من هم دون العاشرة مقارنةً بالمراهقين أو البالغين، إلا أن منظمة الصحة العالمية أشارت إلى تسجيل أكثر من مليون حالة حول العالم عام 2015، بينها أكثر من خمسين ألف حالة وفاة، مما يبرز خطورة تجاهل الأعراض أو تأخير التشخيص. وتحدث هذه الحالة عندما تلتهب الزائدة الدودية، وهو كيس صغير مرتبط بالأمعاء الغليظة، عادة نتيجة انسداد ناتج عن مرور البراز، ما يؤدي إلى انتفاخها والتهابها وربما تمزقها أو انفجارها، وهي مضاعفات قد تكون قاتلة إذا لم تُعالج بسرعة.
نسبة حدوثها ومتى تحدث عند الأطفال
تشير البيانات الصادرة من الولايات المتحدة إلى أن ما يقرب من 70 ألف طفل يُصابون سنويًا بالتهاب الزائدة الدودية، وهي حالة تُعد من أكثر أسباب الجراحة الطارئة شيوعًا بين الأطفال. الغالبية العظمى من هذه الحالات تقع في الفئة العمرية بين 10 و18 عامًا، إلا أن الخطر لا يستثني الأطفال الأصغر سنًا، إذ سُجلت حالات لدى رضع وأطفال دون الخامسة. تكمن خطورة الحالة في صعوبة اكتشافها مبكرًا، لأن الأطفال غالبًا ما يجدون صعوبة في التعبير عن الألم أو تحديد موقعه بدقة، ما يؤدي إلى تأخير التشخيص وزيادة فرص حدوث مضاعفات خطيرة في وقت قياسي.
كيف تكتشف إصابة طفلك بالتهاب الزائدة الدودية؟
من أهم العلامات التي تنذر باحتمالية إصابة الطفل بالتهاب الزائدة الدودية هو الألم الحاد في الجانب الأيمن السفلي من البطن، والذي غالبًا ما يبدأ حول السرة ثم ينتقل إلى موقعه النهائي لاحقًا. هذا الألم يمكن أن يتفاقم مع الحركة، مثل المشي أو القفز أو السعال، وهو ما يجعل الطفل يبدو متعبًا أو يرفض الحركة. وتشمل الأعراض المصاحبة الأخرى الغثيان، انخفاض الشهية، الحمى المصحوبة بقشعريرة، تهيج الطفل، الإمساك أو الإسهال، وفي بعض الحالات تورم البطن خاصة عند الأطفال الأصغر سنًا. ورغم أن هذه الأعراض قد تتشابه مع أعراض نزلات البرد أو مشاكل المعدة الشائعة، فإن استمرارها أو ازديادها يستدعي تدخلًا طبيًا فوريًا.
التشخيص والمضاعفات وطرق العلاج
لا توجد طريقة محددة للوقاية من التهاب الزائدة الدودية، ولكن هناك بعض عوامل الخطورة التي قد تزيد من احتمالية الإصابة به، أبرزها وجود تاريخ عائلي مماثل أو الإصابة بالتليف الكيسي، وهو مرض وراثي يؤثر على العديد من أعضاء الجسم. المشكلة الأكبر تكمن في عدم العلاج، فعدم التدخل السريع قد يؤدي إلى انفجار الزائدة وانتشار البكتيريا في تجويف البطن، مسببة التهاب الصفاق، وهي حالة مهددة للحياة.
كما قد تؤدي العدوى إلى تعفن الدم، وهي حالة مميتة تتطلب رعاية طبية فورية، أما عن التشخيص، فيشمل عادة فحصًا سريريًا دقيقًا بالإضافة إلى اختبارات مثل الأشعة السينية، الموجات فوق الصوتية، التصوير المقطعي، وفحوصات الدم والبول. ويمكن في بعض الحالات البسيطة الاكتفاء بالمضادات الحيوية، لكن في أغلب الأحيان، يلجأ الأطباء إلى الجراحة لاستئصال الزائدة، وهي عملية آمنة وفعالة.
وتُعد سرعة التشخيص والعلاج أمرًا بالغ الأهمية، خاصة عند الأطفال دون سن الخامسة، حيث قد تنفجر الزائدة خلال 24 ساعة فقط من بدء الأعراض، مما يجعل المراقبة المستمرة والوعي بأعراض الحالة ضرورة لا غنى عنها.