تشهد اليابان أزمة سياسية متصاعدة بعد النتائج المخيبة للانتخابات الأخيرة لمجلس الشيوخ، حيث تتزايد التكهنات بأن أيام رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا باتت معدودة في ظل تراجع شعبية الحزب الليبرالي الديمقراطي، وصعود أحزاب يمينية شعبوية أبرزها حزب سانسيتو.
خسارة الأغلبية وتراجع قوة الحزب الليبرالي الديمقراطي
رغم أن مجلس الشيوخ الياباني، الذي أُجريت انتخاباته في 20 يوليو/تموز الجاري، يعد الغرفة الأقل سلطة في البرلمان، إلا أن نتائجه عكست تراجعًا حادًا في الحظوظ السياسية للحزب الليبرالي الديمقراطي.

فقد خسر الحزب أغلبيته رغم دعم حليفه في الائتلاف “كوميتو”، ليصبح مجموع مقاعد الائتلاف الحاكم 122 مقعدًا فقط من أصل 248 في مجلس الشيوخ، و220 مقعدًا فقط من أصل 465 في مجلس النواب. هذا التراجع يُظهر ضعف قبضة الحزب على السلطة، رغم أنه حكم اليابان لعقود منذ تأسيسه قبل 70 عامًا.
صعود حزب سانسيتو الشعبوي
في المقابل، حقق حزب سانسيتو اليميني الشعبوي، الذي نشأ من قناة غاضبة على “يوتيوب” ورفع شعار “اليابانيون أولًا”، قفزة كبيرة بحصوله على 15 مقعدًا مقارنة بمقعد واحد سابقًا، كما حصد 15% من أصوات القوائم النسبية.
ورغم أنه ما يزال حزبًا صغيرًا، إلا أن صعوده يعكس تنامي الغضب الشعبي، خصوصًا بين فئة الشباب والرجال، تجاه الأوضاع الاقتصادية ووجود الأجانب والسياح، حيث يستغل الحزب هذه القضايا لإثارة الجدل دون تقديم برامج اقتصادية واضحة.

أزمات اقتصادية تؤجج الغضب الشعبي في اليابان
تعاني اليابان من موجة تضخم معتدلة تتراوح بين 2.5% و3.5%، وارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل الأرز، في وقت ترتفع فيه الأسعار بوتيرة أسرع من الأجور، ما يخلق شعورًا بالركود الاقتصادي.
ورغم انتقاده للأجانب، يقترح حزب سانسيتو سياسات اقتصادية غامضة، مثل تقليل العمالة الأجنبية وخفض الضرائب، وهي مقترحات يعتبرها خبراء غير قابلة للتطبيق عمليًا.
اقرأ أيضًا:
ترامب يصعّد ضغوطه على بوتين: 10 أيام فقط للتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا
مأزق القيادة داخل الحزب الحاكم
في مواجهة هذه الأزمة، لم يقدم الحزب الليبرالي الديمقراطي إصلاحات ملموسة، بل انصب تركيزه على البحث عن بديل لشيغيرو إيشيبا، مع طرح أسماء مثل ساناي تاكايتشي، شينجيرو كويزومي، وتارو آسو، رغم أن كل واحد منهم يواجه انتقادات حادة، سواء بسبب مواقفه المتشددة أو ضعف حضوره الشعبي أو تقدمه في السن.
إيشيبا، من جانبه، أصر على البقاء في منصبه بعد اجتماع مطوّل مع أكثر من 230 نائبًا من الحزب، مروجًا لإنجازه الأخير المتمثل في الاتفاق مع الولايات المتحدة لخفض أضرار الرسوم الجمركية على الصادرات اليابانية، لكن خصومه يعتبرون أن رحيله بات مسألة وقت.
مستقبل المشهد السياسي الياباني
يرى مراقبون، مثل ماساهيرو موغاكي من جامعة كيو، أن التطرف قد يصبح رد فعل طبيعيًا في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، محذرًا من أن الأحزاب اليابانية التقليدية لم تُظهر بعد قدرة حقيقية على معالجة هذه التحديات، ما يفتح الباب أمام تعاظم دور الأحزاب الشعبوية واليمينية.
تمر طوكيو بمرحلة سياسية دقيقة، مع تراجع الحزب الليبرالي الديمقراطي وصعود التيارات اليمينية الشعبوية بقيادة حزب سانسيتو، في وقت تتزايد فيه الضغوط الاقتصادية والاجتماعية. ومع تضاؤل شعبية رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا، يبقى مستقبل القيادة اليابانية غامضًا، فيما تستعد البلاد لاحتمالات إعادة تشكيل المشهد السياسي خلال الفترة المقبلة.