سجل قطاع غزة لأول مرة ثلاث حالات وفاة بسبب متلازمة “غيلان باريه”، من بينها طفلان، وسط تحذيرات من وزارة الصحة من تصاعد خطير في أعداد الإصابات بالمتلازمة والشلل الرخو الحاد بين الأطفال، نتيجة تفشي فيروسات معوية وظهور فيروس شلل الأطفال، إلى جانب تدهور غير مسبوق في الحالة التغذوية والبيئية داخل القطاع المحاصر.
وبحسب وزارة الصحة، فإن الوضع الصحي في غزة بات ينذر بكارثة وبائية كبرى، حيث توفر بيئة القطاع ظروفًا مثالية لتفشي الأمراض المعدية بشكل يصعب السيطرة عليه، في ظل الانهيار الكامل للبنية التحتية الصحية، وعدم توفر العلاجات الأساسية. ودعت الوزارة المنظمات الدولية والإنسانية إلى التحرك الفوري لإنقاذ الأرواح وتوفير العلاج اللازم، مشددة على أن “هذه ليست مجرد حالات وفاة، بل إنذار بكارثة معدية حقيقية”.
تسارع مقلق في الإصابات.. وأطفال الضحايا الأبرز
مدير دائرة الطب الوقائي في وزارة الصحة بغزة، الدكتور أيمن أبو رحمة، أكد في تصريحات صحفية أن عدد حالات متلازمة “غيلان باريه” المسجلة قبل الحرب كان لا يتجاوز 4 إلى 5 حالات سنويًا، في حين تم تسجيل 64 إصابة خلال الشهرين الماضيين فقط، بينها 3 حالات وفاة شملت امرأة تبلغ من العمر 60 عامًا، وطفلين أحدهما أقل من 5 أعوام والآخر في سن 14 عامًا.
وأوضح أبو رحمة أن المتلازمة تختلف عن الشلل الرخو الحاد رغم التشابه في الأعراض، حيث تتسبب “غيلان باريه” في مهاجمة الجهاز المناعي للأعصاب الطرفية، وقد يحفزها التعرض لفيروسات أو بكتيريا، وتنتقل عبر مصادر ملوثة مثل الماء أو الغذاء. وأضاف أن غياب العلاج السريع في أول 48 ساعة من ظهور الأعراض يؤدي إلى تدهور الحالة بشكل كبير، لا سيما لدى الأطفال وكبار السن ومرضى الأمراض المزمنة الذين يعانون أصلاً من ضعف المناعة وسوء التغذية.
كما نبه إلى انتشار متسارع لأمراض معدية خطيرة مثل الإسهال الحاد، ومتلازمة اليرقان، والحمى الشوكية، مؤكداً أن 80 في المائة من المصابين بهذه الأمراض هم أطفال دون سن الخامسة.
ما هي متلازمة غيلان باريه؟
غيلان باريه هي متلازمة نادرة تصيب الجهاز العصبي المحيطي، وتبدأ غالبًا بشعور بالتنميل والضعف في الساقين، قبل أن تتصاعد الأعراض تدريجياً لتصل إلى الذراعين والجذع، وقد تؤدي في بعض الحالات إلى شلل تام. ويواجه المصابون مضاعفات متعددة من بينها صعوبة في التنفس نتيجة شلل عضلات الصدر، واضطرابات في ضربات القلب وضغط الدم، وآلام عصبية شديدة، بالإضافة إلى مشكلات في وظائف الجهاز الهضمي والبولي.
ويحتاج المصابون غالباً إلى رعاية صحية دقيقة تشمل دعم التنفس وأدوية مناعية خاصة، وهو ما تفتقر إليه مستشفيات غزة في ظل الحصار وتدمير المنشآت الطبية ونفاد الإمدادات.
غزة على حافة الانهيار.. والجوع يفتك بالسكان
الأزمة الصحية تأتي في سياق كارثي أشمل يشهده القطاع، حيث تتفاقم المجاعة بسبب النقص الحاد في المواد الغذائية وسوء توزيع المساعدات، التي كثيراً ما تتعرض للنهب أو تعجز الجهات المحلية عن تأمين وصولها الآمن إلى المستحقين.
وفي ظل هذا الواقع المأساوي، أعلنت وزارة الصحة عن وفاة 6 أشخاص خلال الـ24 ساعة الماضية نتيجة الجوع، ليرتفع عدد ضحايا المجاعة منذ بداية الحرب إلى 180 حالة، من بينهم 93 طفلاً، معظمهم توفوا خلال الشهرين الأخيرين.
كما لقي أكثر من 40 فلسطينيًا حتفهم خلال الساعات الماضية، من بينهم 20 شخصاً قُتلوا أثناء انتظار المساعدات الإنسانية في مناطق التوزيع أو قرب الشاحنات التي تدخل من معابر القطاع، وهو ما يسلط الضوء على الفوضى الإنسانية الهائلة التي يعيشها السكان المحاصرون.
تفاصيل ثاني اتصال هاتفي خلال أسبوع بين بوتين ونتنياهو.. سوريا وإيران في صدارة المحادثات