في أعقاب التصعيد العسكري الأخير بين إسرائيل وإيران، شهدت أسواق المال الإسرائيلية هزة عنيفة تمثّلت في موجة هروب غير مسبوقة لرؤوس الأموال الأجنبية، ما انعكس فورًا على مؤشرات البورصة التي تراجعت بشكل حاد، وأدى إلى تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر كبيرة.
وبحسب بيانات صادرة عن وحدة الأبحاث في بورصة تل أبيب، فإن الفترة الممتدة بين منتصف يونيو ونهاية يوليو 2025، سجلت أول انسحاب واسع من المستثمرين الأجانب هذا العام، حيث تم بيع ما يقرب من 2 مليار شيكل (نحو 589 مليون دولار) من الأسهم الإسرائيلية، في خطوة تعكس تغيرًا في المزاج الاستثماري الدولي تجاه السوق الإسرائيلي.
إسرائيل تدفع ثمن غضب إيران
ويعزو مراقبون هذه التحولات إلى حالة القلق المتزايدة في أوساط المستثمرين الدوليين، نتيجة التوترات الجيوسياسية المتفاقمة وتراجع الاستقرار الإقليمي، مما دفع العديد من صناديق الاستثمار والمؤسسات المالية العالمية إلى إعادة تقييم وجودها في السوق الإسرائيلي وسحب جزء كبير من أصولها.
- نتنياهو
وتركزت عمليات البيع في قطاعات رئيسية مثل العقارات، والتأمين، والبنوك، والتكنولوجيا الحيوية، ما تسبب في تقليص القيمة التراكمية لمشتريات المستثمرين الأجانب منذ بداية العام من 10.5 مليار شيكل إلى 8.5 مليار فقط، بحسب الإحصاءات الرسمية.
وقال عودي نير، رئيس وحدة الأبحاث في البورصة، إن الأجانب لعبوا دورًا حيويًا في دعم السوق خلال الشهور الأولى من العام، وضخوا استثمارات ضخمة خاصة في قطاعي البنوك وشركات الدفاع، لكن الوضع تغير كليًا بعد اندلاع المواجهة مع إيران.
ورغم سعي المستثمرين المحليين لسد الفجوة، من خلال زيادة استثماراتهم إلى 2.9 مليار شيكل في يوليو مقارنة بـ1.9 مليار في يونيو، إلا أن محللين اقتصاديين يرون أن هذا النشاط لن يعوّض فقدان الثقة الدولية، خاصة في ظل استمرار الغموض السياسي والأمني.
من جانبها، وصفت صحيفة يديعوت أحرونوت ما يحدث بأنه أحد الانعكاسات الاقتصادية غير المباشرة للحرب مع إيران، مؤكدة أن التأثير لا يقتصر على الميدان العسكري فحسب، بل يمتد إلى أعماق الاقتصاد الإسرائيلي، مهددًا ثقة المستثمرين الأجانب على المدى البعيد.
وتعكس تقديرات مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني هذا التدهور، حيث خفضت نظرتها المستقبلية لإسرائيل إلى “سلبية” في يوليو الماضي، ومنحتها تصنيفًا عند Baa1، في ضوء تزايد المخاطر السياسية وارتفاع الدين العام إلى نحو 75% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفيما تشير البورصة إلى وجود بعض مظاهر المرونة، فإن محللين يحذرون من أن استمرار انسحاب الأجانب قد يُعمّق الركود ويزيد من صعوبة التعافي، خاصة في حال استمرار التوترات دون حلول سياسية واضحة.