دخلت الرسوم الجمركية العقابية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيّز التنفيذ بعد منتصف ليل الخميس، في خطوة وصفتها صحيفة “نيويورك تايمز” بأنها تصعيد جديد في الحرب التجارية العالمية، هذه الحرب، التي لم تعد تدور فقط في قاعات الاجتماعات أو تقارير الميزانيات، بدأت تترك آثارًا حقيقية على الاقتصاد الأمريكي ذاته، وشملت الرسوم الجديدة أكثر من تسعين دولة حول العالم، مما رفع متوسط معدل الجمارك في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياته منذ ما يقرب من مئة عام.
رسوم ترامب تعصف بالعالم
وفي الساعات التي سبقت التنفيذ، لمّح ترامب إلى أن القادم ربما يكون أكثر تشددًا، في استراتيجية تهز الأسواق وترفع الأسعار وتزيد قلق المستهلكين والشركات على حد سواء، وتبدأ الرسوم من نسبة 15%، وتطال واردات من دول متنوعة مثل بوليفيا والإكوادور وأيسلندا ونيجيريا، بينما تواجه دول أخرى، مثل تايوان، تعريفات تصل إلى 20%.
أما البرازيل، فقد فرضت عليها واشنطن رسومًا بنسبة 50%، في خطوة اعتبرها ترامب ردًا على ملاحقة الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو، أحد حلفائه، بتهم تتعلق بمحاولة البقاء في السلطة بعد خسارة الانتخابات. وقد تم توقيع الرسوم الجديدة ضمن سلسلة من الأوامر التنفيذية التي أعلنت الأسبوع الماضي، في إطار ما يصفه البيت الأبيض بإعادة ضبط للعلاقات التجارية العالمية، وتحقيق العدالة الصناعية للعمال الأمريكيين.

ورغم أن البيانات تشير إلى أن السياسة الجمركية التي ينتهجها ترامب قد وفرت للحكومة الأمريكية نحو 152 مليار دولار في شهر واحد فقط من الرسوم، إلا أن تأثيراتها الجانبية بدأت بالظهور بوضوح. فقد أعرب عدد متزايد من الشركات عن عدم قدرتها على تحمّل التكاليف المتزايدة للمكونات الأجنبية، مما دفعها لرفع أسعار السلع والخدمات.
وبيّنت مؤشرات التضخم الأخيرة أن أسعار الأجهزة المنزلية والملابس والأثاث ارتفعت بشكل ملحوظ في يونيو، بينما تباطأ معدل التوظيف، وشهد سوق العمل الأمريكي بداية تباطؤ ملموس.
في هذا السياق المتوتر، دخلت الهند المشهد كأحد أكبر المتضررين. ورغم كونها شريكًا تجاريًا استراتيجيًا للولايات المتحدة، تعرضت نيودلهي لمضاعفة الرسوم الجمركية على صادراتها لتصل إلى 50%، كنوع من العقاب على شرائها الغاز الروسي، في خطوة وصفتها الحكومة الهندية بأنها تعسفية ولا تتماشى مع قواعد التجارة الحرة، وتعد هذه الزيادة الجمركية تهدد مستقبل الصادرات الهندية التي تصل إلى 86.5 مليار دولار سنويًا للسوق الأمريكي، وقد تجعل هذه الصادرات غير مربحة إطلاقًا، في ضوء قدرة المصدرين على تحمّل زيادات لا تتجاوز 10% إلى 15%. وإذا تم تطبيق هذه النسبة المرتفعة، فإن كثيرًا من الشركات ستعتبرها بمثابة حظر تجاري فعلي.
اقرأ أيضا..
ترامب وبوتين على موعد خلال أيام.. وزيلينسكي خارج اللقاء
تقول الهند إن وارداتها من روسيا مدفوعة بحاجتها لأمن الطاقة، وتؤكد أنها لا تخضع لأي إملاءات سياسية، لكن الولايات المتحدة ترى في هذه العلاقات خطرًا استراتيجيًا، وتسعى من خلال الضغط التجاري إلى تقليص أرباح روسيا وإجبارها على الجلوس إلى طاولة التفاوض بخصوص أوكرانيا. ووفقًا لتقديرات اقتصادية، فإن الرسوم الأمريكية قد تؤدي إلى تقليص الناتج المحلي الإجمالي للهند بما يتراوح بين 0.2% و0.4%، مما يهدد بتراجع النمو إلى ما دون 6% هذا العام.
في موازاة ذلك، أعلن ترامب نيته فرض رسوم بنسبة 100% على واردات أشباه الموصلات، دون تحديد موعد التنفيذ. وقال من البيت الأبيض إن هذه الرسوم ستكون ضخمة للغاية، مبررًا قراره بالرغبة في حماية الصناعة الوطنية. وقد أثارت هذه التصريحات قلقًا بالغًا في أسواق التكنولوجيا، حيث تُعد أشباه الموصلات أساسًا لكل ما يتعلق بالتقنيات الحديثة، من الهواتف الذكية إلى المعدات العسكرية.