كشفت صور أقمار اصطناعية وتحليلات ميدانية، إلى جانب مقاطع مصورة تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي امتداد تحصينات إسرائيل لما وراء حدودها، وتوسع غير مسبوق في شبكة التحصينات العسكرية الإسرائيلية خارج حدودها المعترف بها دولياً. ووفق تحقيق نشرته شبكة “إن بي سي نيوز”، فإن هذه التحصينات تهدف إلى إنشاء مناطق عازلة مع كل من لبنان وسوريا وقطاع غزة، ضمن ما تسميه إسرائيل “عقيدة أمنية جديدة” أُقرت بعد هجمات 7 أكتوبر 2023.

العقيدة العسكرية الجديدة لـ إسرائيل بعد 7 أكتوبر

صرّح مسؤولون إسرائيليون للشبكة الأمريكية أن الهدف الأساسي من هذه التحركات هو منع الفصائل المسلحة المناهضة لإسرائيل من التمركز قرب حدودها.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في وقت سابق من هذا العام: “على عكس الماضي، فإن الجيش الإسرائيلي لا يخلي المناطق التي تم تطهيرها والسيطرة عليها. سيبقى الجيش في المناطق الأمنية كحاجز بين العدو والمجتمعات، سواء في وضع مؤقت أو دائم في غزة، وكذلك في لبنان وسوريا”.

لكن منتقدين يرون أن هذه الاستراتيجية تؤدي عملياً إلى توسيع الحدود الإسرائيلية على حساب سيادة جيرانها، مما يزيد مخاطر التصعيد العسكري.

التحصينات الإسرائيلية في قطاع غزة

انتشار القواعد العسكرية

أظهرت صور الأقمار الاصطناعية وجود ما لا يقل عن 40 قاعدة عسكرية إسرائيلية نشطة داخل قطاع غزة، لا تشمل مواقع توزيع المساعدات الإنسانية. كما تم رصد عشرات القواعد الصغيرة التي تحتوي على مواقع اتصالات ومستودعات إمداد.

“ممر موراج” والسيطرة على الجنوب

منذ انتهاء الهدنة، أنشأ الجيش الإسرائيلي ممراً عسكرياً جديداً يعرف بـ**”ممر موراج”، يمتد بطول نحو 15 كيلومتراً بين خان يونس ورفح** جنوب القطاع. وأصبح هذا الممر نقطة خلاف رئيسية في مفاوضات وقف إطلاق النار.

التوسعة المستمرة

تواصل إسرائيل توسيع قواعدها العسكرية في غزة عبر تخزين المزيد من الإمدادات، ونصب الخيام، وحشد المركبات العسكرية في مواقع استراتيجية.

الوجود الإسرائيلي في لبنان

مواقع عسكرية على التلال اللبنانية

على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار في فبراير 2025 الذي نص على انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان، كشفت الصور الفضائية عن احتفاظ إسرائيل بـخمسة مواقع عسكرية على تلال جنوب لبنان.

التوسع بعد الهدنة

منذ الهدنة، توسعت هذه المواقع بإزالة الأشجار وإقامة جدران حماية وسواتر ترابية مطلة على الوديان، ما أثار احتجاجات دولية.

وصرّح متحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأن هذه القوات موجودة “بشكل مؤقت”، لكنه لم يحدد موعد الانسحاب، مما يتعارض مع تصريحات وزير الدفاع حول إنشاء مناطق عازلة دائمة.

التحركات الإسرائيلية في سوريا

نقاط عسكرية في المنطقة العازلة

بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، كثّف الجيش الإسرائيلي ضرباته ضد مواقع عسكرية في جنوب سوريا، ودعم تجمعات الدروز.

وعلى طول الحدود، أقامت إسرائيل 6 نقاط عسكرية داخل المنطقة العازلة التابعة للأمم المتحدة التي أنشئت عقب حرب 1973.

القواعد والخنادق

كما أقامت قاعدتين إضافيتين داخل الأراضي السورية، وبنت خندقاً بطول 20 ميلاً (قرابة 30 كيلومتراً) يمتد عبر نصف المنطقة، ضمن ما تسميه “استراتيجية الشرق الجديد” لضمان بقاء جنوب سوريا منزوع السلاح.

السيطرة على جبل الشيخ

أظهرت مقاطع رسمية إسرائيلية تمركز قواتها على قمة جبل الشيخ، أعلى نقطة على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، والتي توفر رؤية استراتيجية على جنوب لبنان ودمشق.

اقرأ أيضًا:

مفاوضات جديدة بين واشنطن والدوحة لطرح “صفقة شاملة” لإنهاء الحرب في غزة.. اجتماع سري في إسبانيا

الجدل حول الاستراتيجية الإسرائيلية

يرى مؤيدو سياسة إنشاء المناطق العازلة أنها تعزز الأمن وتمنع تسلل الجماعات المسلحة، بينما يحذر معارضوها من أنها:

تثير توترات إقليمية مع دول الجوار.

تنتهك السيادة الوطنية للبنان وسوريا وفلسطين.

تنهك قدرات الجيش الإسرائيلي مع استمرار الانتشار الواسع.

قد تؤدي إلى إشعال صراعات أوسع في المنطقة.

التحركات الإسرائيلية الأخيرة تشير إلى تحول استراتيجي طويل الأمد في إدارة الحدود، مع اعتماد سياسة السيطرة الميدانية على أراضٍ خارج الحدود المعترف بها. وبينما ترى إسرائيل في ذلك خطوة ضرورية لحماية أمنها، يبقى السؤال مطروحاً حول كلفة هذه الاستراتيجية على استقرار المنطقة ومستقبل العلاقات مع الجيران.