أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، أن ملف المياه يمثل جزءًا من “حملة ضغوط” على مصر بهدف تحقيق أهداف أخرى، مشددًا على أن القاهرة لن تقبل بأي تهديد وجودي لأمنها المائي، وأنها ستتخذ جميع الإجراءات التي يكفلها القانون الدولي لحماية حقوق الشعب المصري.
جاءت تصريحات السيسي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني في قصر الاتحادية بالقاهرة، حيث تناول الجانبان ملف سد النهضة وقضايا التعاون بين دول حوض النيل.

السيسي: مصر لا ترفض التنمية بشرط عدم المساس بحصتها من مياه النيل
أوضح السيسي أن موقف مصر ثابت منذ البداية، وهو عدم رفض أي مشروعات تنموية في دول حوض النيل، شريطة ألا تؤثر على كمية المياه التي تصل إليها، مشيرًا إلى أن إجمالي المياه في حوض النيل الأبيض والأزرق يبلغ نحو 1600 مليار متر مكعب سنويًا، لكن معظمه يُفقد في الغابات والمستنقعات والبخر والمياه الجوفية، ولا يصل إلى مجرى النيل سوى جزء محدود.
وأضاف أن مصر والسودان يحصلان على نحو 85 مليار متر مكعب، أي ما يعادل حوالي 4% فقط من إجمالي موارد الحوض، وهو ما يعتبره “حد الحياة” بالنسبة لمصر التي لا تملك موارد مائية أخرى ولا تسقط عليها أمطار غزيرة. وقال: “التخلي عن أي جزء من هذه الحصة يعني التخلي عن حياتنا، وهذا لن يحدث”.
رفض مصري كامل للإجراءات الأحادية
شدد الرئيس المصري على رفض القاهرة الكامل للإجراءات الأحادية في حوض النيل الشرقي، مؤكدًا أن من يتصور أن مصر ستغض الطرف عن أي تهديد لحقوقها المائية “مخطئ”. وأضاف أن المياه قد تُستخدم كورقة ضغط لتحقيق أهداف سياسية، لكن مصر، على حد تعبيره، “لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى، ولا تمارس التخريب أو التآمر، بل تسعى دائمًا للبناء والتنمية”.
اقرأ أيضًا:
العراق على مفترق طرق.. السوداني يطلق معركة حصر السلاح وسط انقسام داخلي وضغوط خارجية
اللجنة السباعية ودور أوغندا
أعرب السيسي عن ثقته في دور اللجنة السباعية برئاسة أوغندا للتوصل إلى توافق بين دول الحوض، يضمن التنمية المشتركة وعدم الإضرار بأي طرف. وأشار إلى أن من تتساقط لديه الأمطار لا يشعر بمعاناة من يعتمد بالكامل على المياه القادمة من النيل، مطمئنًا الشعب المصري بأن القيادة “لن تسمح بالمساس بالمياه التي يعيش عليها أكثر من 105 ملايين مواطن، إلى جانب نحو 10 ملايين من المقيمين”.
وكشف السيسي عن أن الرئيس موسيفيني وصف مصر بأنها “الحديقة” في الثقافة الأوغندية، مؤكدًا أن هذه الحديقة لا تملك مصدرًا آخر للمياه سوى النيل.
سد النهضة وتداعياته على الأمن المائي المصري
تعتمد مصر بشكل شبه كامل على مياه النيل، ويأتي 80% من حصتها عبر النيل الأزرق، وهو ما يجعل أي تغييرات في تدفق المياه من إثيوبيا مسألة أمن قومي.
وترى مصر والسودان أن مشروع سد النهضة الإثيوبي قد يؤثر بشكل كبير على حصصهما من مياه النيل، وقد أجريا عدة جولات تفاوضية مع أديس أبابا لم تسفر عن اتفاق. وتتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد قبل استكمال أي خطوات أحادية من الجانب الإثيوبي، في حين تؤكد إثيوبيا أنها لا تستهدف الإضرار بدولتي المصب.
واختتم الرئيس المصري تصريحاته بالتأكيد على أن وعي الشعب وصلابته هما الركيزة الأساسية في مواجهة أي تهديد مائي، مضيفًا أن مصر ستظل تتابع عن كثب كل التطورات في هذا الملف، ولن تتردد في اتخاذ ما يلزم لضمان حماية مواردها المائية وحياة شعبها.